الخامسة: لو كان شيء في يد إنسان و ادّعى أحد كونه له سابقاً و أقام بيّنة

المسألة الخامسة

(لو كان شيء في يد إنسان وادّعى أحد كونه له سابقاً وأقام بيّنة)

قال المحقق قدّس سرّه: «لو ادّعى داراً في يد إنسان وأقام بينة أنها كانت في يده أمس أو منذ شهر، قيل: لا تسمع هذه البينة. وكذا لو شهدت له بالملك أمس. لأن ظاهر اليد الآن الملك، فلا تدفع بالمحتمل.
وفيه إشكال، ولعل الأقرب القبول»(1).
أقول: لو ادّعى داراً ـ مثلاً ـ في يد إنسان وأقام المدّعي بينة أنها كانت في يده أمس أو منذ شهر، أو كانت في ملكه أمس مثلاً، فهل تسمع البينة؟ قولان، وقد استدل للعدم بوجهين:
الأول: إن اليد أمارة على الملكية الفعلية لصاحبها، وبينة المدّعي تشهد باليد والملك السابقين، ولا ريب في تقدّم الأمارة الفعلية على الأمارة القائمة على الملكية السابقة. وبعبارة أخرى: اليد الفعلية المشاهدة بالعيان ـ حيث نرى العين في هذه اليد ـ ظاهرة في الملكية الفعلية لصاحبها، ومقتضى اليد السابقة هو احتمال الفعلية لصاحبها، ولا يدفع الظهور المذكور بالمحتمل.
وأُجيب: بأن اليد الفعلية وإن كانت دليل الملك الفعلي، لكن اليد السابقة المستصحبة والملك السابق المستصحب أولى، لمشاركة تلك اليد لهذه في الدلالة على الملكية الفعلية، وانفرادهما بالزمن السابق بلا معارض، فيكونان أرجح من هذه اليد، إلا أن تقوم الحجة الشرعية على انتقال العين إليه بطريق شرعي، نظير ما إذا أقرّ بكون الشي الذي بيده ملكاً لزيد أمس وادّعى كونه له اليوم، فإنه يجب عليه إقامة الحجّة الشرعية على انتقاله إليه من زيد بطريق شرعي صحيح، وكذا لو أقرّ بكونه مديناً لزيد بكذا من المال ثم ادّعى أداء الدين مثلاً، كان عليه إقامة الحجّة على الأداء.
وفي المقام يكون حكم بينة المدّعي حكم إقرار المدّعى عليه، فيجب على ذي اليد المدّعى عليه إثبات شرعية يده على العين، وإلا تقدّمت بينة المدّعي ـ بضميمة الإستصحاب ـ على يده، فليس المورد من مقابلة المحتمل للمقطوع حتى يقال بأنه لا يدفع المقطوع بالمحتمل.
والثاني: إنه إن كان مدّعاه هو الملكية أو اليد بالأمس فلا تسمع، وإن كان الملكيّة أو اليد اليوم، فإن شهادة بينته غير مطابقة لدعواه، لأنها تشهد باليد والملك أمس، والبينة غير المطابقة للمدّعى غير مسموعة.
وأُجيب: بأن الحكم باستصحاب اليد والملك السابقين إلى اليوم، يوجب المطابقة بين الدعوى والشهادة، فإن هذه الشهادة ـ بضميمة عدم العلم بالناقل الشرعي ـ شهادة بالملكية الفعليّة وهي مسموعة.
وبالجملة: إن كانت الشهادة بملكية أمس شهادة بملكية اليوم فهو، وإلا، فإن الإستصحاب الموجود يفيد بقاء مدلول الشهادة، وحينئذ، يقع البحث في تقدّم هذا الإستصحاب على اليد أو معارضته لها، لأنه أصل وهي أمارة.
وقد يخدش في اليقين السابق فيختلّ الإستصحاب، بأن يقال ـ كما عن (كشف اللثام)(2). بأن البينة ليست كاشفة عن الواقع كالإقرار، فليس مفادها هنا الملكية الواقعية حتى تستصحب إلى اليوم.
لكنه كما ترى، لأن البينة حجة شرعية، إذا أُقيمت بشرائطها اُلغي احتمال الخلاف وأفادت ما يفيد اليقين، فالحالة السابقة للإستصحاب متحققة، كما لا يلتفت إلى احتمال عدم كون اليد السابقة يد ملك لو شهدت البينة بكون العين بيد المدّعي أمس.
فظهر أن محطّ الكلام هو الخلاف في تقدّم الإستصحاب على اليد وعدمه، والمختار هو الأول، وبيان ذلك: إنه وإن كانت اليد مقدّمة على الإستصحاب في موارد كثيرة، ولكن لا يوجد عندنا إطلاق يقتضي تقدّمها عليه على كلّ حال، بل إن اليد الفعلية المسبوقة بالاخرى المستصحبة ـ أو المسبوقة بالملك المستصحب ـ يد ضعيفة عند العقلاء، لا تصلح لمقاومة هذا الإستصحاب فضلاً عن التقدّم عليه، ولذا يفرّق العقلاء بين الدّعوى على ذي اليد وبين الدّعوى على يد مسبوقة بيد اخرى، ففي الصورة الثانية يسقطون اليد عن الإعتبار، ولا أقل من أنهم يطالبون صاحبها بإقامة الحجة على انتقال العين إليه بطريق شرعي صحيح.
وبتقريب آخر: إن اللاّزم الشرعي للملكيّة السابقة التي أثبتها البينة: بقاء تلك الملكية حتى يعلم المزيل الشرعي له والناقل الشرعي للعين، فإذا شهدت البينة بملكيّة أمس، كان لازمها الملكية الفعلية لولا الإنتقال، وقد عرفت أن الإستصحاب ينفي الناقل، فتكون بينة المدّعي مسموعة ومتقدّمة على يد المتصرف.
هذا، وفي (المستند): «لو تعارضت اليد الحاليّة مع الملكية السابقة أو اليد السابقة، ففي تقدّم الحاليّة أو السابقة قولان، كلّ منهما عن الشيخ في كلّ من المبسوط والخلاف، وتبعه على الأول جماعة ولعلّهم الأكثرون، ومنهم من المتأخرين: الكفاية والمفاتيح وشرحه وبعض فضلائنا المعاصرين. وعلى الثاني الشرائع، ويظهر من الإرشاد الميل إليه. ويظهر من التحرير وجه ثالث وهو التساوي».
ثم أورد أدلّة الأقوال، ثم قال:
«والتحقيق: إن اقتضاء اليد للملكية يعارض استصحاب الملكيّة، فلا يبقى لشي منهما حكم، ولكن أصل اليد لا يعارضه شيء، وهو باق بالمشاهدة والعيان، والأصل عدم التسلّط على انتزاع العين من يده ولا على منعه من التصرفات التي كان له فيها حتى بيعها وإجارتها، إذ غاية الأمر عدم دليل لنا على ملكيته، ولكن لا دليل على عدم ملكيته أيضاً، وأصالة عدم الملكية بالنسبة إليه وإلى غيره سواءمع ثبوت أصل الملكية، فلا يجري فيه ذلك الأصل أيضاً، مضافاً إلى إمكان حصول هذه التصرّفات كلاً أو بعضاً بالتوكيل والإجارة والولاية والإذن وغيرها، فيبقى أصالة عدم التسلّط وأصالة جواز تصرفاته خالية عن المعارض، وإلى هذا يشير كلام من قال: إن احتمال كون اليد الثانية بالعارية أو غيرها لا يلتفت إليه مع بقاء اليد على حالها، فإن المقصود الأصلي من إعمال اليد هو إبقاء تسلّطها على ما فيها، وعدم جواز منعها من التصرفات كيف شاء بسبب احتمال الغصب أو العارية أو غيرهما، فيحكم عليها بما يحكم على ملك الملاك، وليس هذا معنى الحكم بأنه ملك» إنتهى كلامه رفع مقامه(3).
فإن قيل: كما أن الملكية أو اليد السابقة يقتضي استصحاب الملكية، كذلك يقتضي استصحاب تسلّط المالك الأول والحاكم على منع ذي اليد عن التصرفات أيضاً. وبه يندفع أصالة عدم التسلّط.
قلنا: ليس تسلط الأول كالملكيّة التي إذا حدثت يحكم لها بالإستمرار حتى يثبت المزيل، بل هو مما يمكن تقييده بقيد، والمعلوم من التسلّط الأوّلي هو تسلّطه مادام يحكم له بالملكية ويعلم له الملكية، فالمعلوم ثبوته أوّلاً ليس إلا ذلك المقيّد، فبعد انتفاء الحكم بالملكية والعلم بها، ينتفي القيد ويتغيّر الموضوع.
ثم إنه كما أن نفس اليد المشاهدة الحاليّة ومقتضياتها ـ سوى الملكية ـ لا معارض لها، فكذلك أيضاً كون البينة على غير ذي اليد وكون من يدّعيه مطالباً بالبينة وذي اليد باليمين، إذا لم يخرج خارج اليد عن صدق المدّعي عرفاً ولا صاحبها عن المنكر كذلك، فيدلّ على كون وظيفة الأول البينة والثاني اليمين قولهم: «البينة على المدّعي واليمين على من أنكر»، ورواية فدك المتقدمة.
فيكون البينة على المالك السابق واليمين على ذي اليد، ولا يمنع ذو اليد من شيء من التصرّفات، وليس المطلوب من ترجيح اليد الحالية غير ذلك أيضاً.
مع أنه يمكن جعل هذين الأمرين دليلاً برأسه على الملكية أيضاً بالإجماع المركب، ويسقط به الاستصحاب بالمرّة، لعدم صلاحيّته لمعارضة الدليل مطلقاً».
وقد أورد السيد في (العروة) محصّل هذا الكلام واعترض عليه بوجوه:
الأوّل: إنه في بيان المعارضة عبّر بقوله: إن اقتضاء اليد للملكية يعارض استصحاب الملكية.
مع أن المعارضة بين نفس اليد والإستصحاب، لكن من حيث حكمهما، لا بين حكم اليد ونفس الإستصحاب، فلا وجه للتعبير المذكور.
والثاني: إنه إذا سقط حكم اليد فتكون كالعدم وحال ذيها وغيره سواء، فلو أراد المدّعي أن يتصرف فيها لا يجوز لذي اليد منعه، لأن الأصل عدم تسلّطه على ذلك.
قلت: فيكون الحاصل أنه ليس لكلّ منهما منع الآخر من التصرّف، فتكون العين كالمباحات التي من سبق إلى شيء منها كان له، نعم، ليس لثالث أخذها، ولهما منعه من ذلك.
والثالث: بعد عدم الحكم لليد وعدم كونها دليلاً على الملكية، كيف يجوز للغير أن يشتري منه أو يستأجر أو يقبل منه ونحو ذلك من التصرّفات الموقوفة على الملك، مع أنه ليس وكيلاً ولا وليًاً ولا مأذوناً من قبل المالك؟ لأن المفروض أنه يدّعي الملكيّة لا الوكالة أو الولاية أو نحوهما، فلا ينفع جواز هذه التصرّفات من هذه الأشخاص في جوازها له ولمن يشترى منه مثلاً.
والرابع: ما ذكره من أن تسلّط المالك السابق على منع الغير مقيّد ببقاء اليد، ممنوع، بل هو كالملكية في عدم التقيد باستمرار اليد.
والخامس: لا نسلّم صدق المنكر عليه بعد سقوط حكم يده(4)…
قلت: ليس الشرط في صدق «المدّعي» عدم المعارض عند العرف، فالمدّعي عندهم من لو ترك ترك، وهذا صادق على صاحب البيّنة هنا، و «المنكر» صادق على ذي اليد.
وقال العلاّمة في (القواعد) في هذه المسألة: «ولو شهد أنه كان في يد المدّعي بالأمس قبل، وجعل المدّعي صاحب يد. وقيل: لا يقبل، لأن ظاهر اليد الآن الملك فلا يدفع بالمحتمل»(5).
أي: إن اليد لها ظهور في الملك الفعلي، لكن لا كلّ يد بل اليد غير المسبوقة بالعدوانية مثلاً، وذلك، لأن حجية اليد ـ كما ذكرنا ـ مستندة إلى بناء العقلاء مع إمضاء الشارع، وتشهد بذلك رواية حفص بن غياث(6)، والعقلاء لا يعاملون اليد التي هذه حالها معاملة المالك الفعلي، بل يقدّمون استصحاب الحالة السابقة ويحكّمونها على هذه اليد إلى أن يثبت الناقل الشرعي.
فتلك عبارة (القواعد) في المسألة، وقد قال سابقاً: «ولو شهدت البينة بأن الملك له بالأمس ولم تتعرض للحال، لم تسمع، إلاّ أن تقول: وهو ملكه في الحال أو لا نعلم له مزيلاً، ولو قال: أعتقد أنه ملكه بالإستصحاب ففي قبوله إشكال، أما لو شهد بأنه أقرّ له بالأمس ثبت الإقرار واستصحب موجبه، وإن لم يتعرّض الشاهد للملك الحالي. ولو قال المدّعى عليه: كان ملكك بالأمس انتزع من يده فيستصحب، بخلاف الشاهد فإنه عن تخمين، وكذا يسمع من الشاهد لو قال: هو ملكه بالأمس اشتراه من المدّعى عليه، أو أقرّ له المدّعى عليه بالأمس، لأنه استند إلى تحقيق»(7).
قلت: الفرق المذكور بين البينة والإقرار لا ريب فيه، ولكن لا أثر له بالنسبة إلى الملكية الفعلية، فإنه لابدّ من إجراء الإستصحاب لإثباتها، سواء كان اليقين السابق حاصلاً بالبينة التي هي عن تخمين أو بالإقرار الذي هو عن تحقيق، وإذا جرى الإستصحاب لتماميّة أركانه تقدّم على اليد من دون فرق بين البينة والإقرار.
وكذا الأمر لو علم الحاكم بكونها للمدّعي بالأمس، فاليقين السابق متحقق، فله إجراء الإستصحاب، وأخذ العين من المدّعى عليه حتى يثبت الناقل الشرعي.
ولعلّ السرّ في اختلاف كلمات الأصحاب في هذا المقام هو اختلافهم في الاستظهار العرفي، لما تقدّم من أن مبنى حجيّة اليد هو السيرة العقلائية وبناء أهل العرف، والحق: إن كاشفية اليد في هذه الحالة التي قام الاستصحاب في مقابلها ضعيفة عرفاً، والإستصحاب هو المحكّم، فدعوى المدّعي مسموعة.
وفي (المسالك) بعد أن ذكر القولين ومختار المحقق منهما ودليله قال:
«وقد تقدم البحث فيه، والفرق بين هذه والسابقة الموجب لإعادة البحث أن المعارضة في هذه بين اليد المتحققة والسابقة الثابتة بالبينة والملك السابق كذلك، والسابقة وقع فيها التعارض بين البينتين الدالّة احداهما على اليد في الحال مع عدم ظهورها في غيره، والاخرى على الملك السابق، فلا تعرّض فيها للمعارضة بين اليد السابقة والحالية، وقد تأكّد ـ من إطلاقه الحكم هنا وفي السابقة تقديم الملك القديم بغير تقييد بكونه إلى الآن أو عدم المزيل ـ أن إضافة ذلك غير شرط، والأصح اشتراط إضافة ما يعلم منه أن الشاهد لم يتجدّد عنده علم الانتقال، لما بيّناه من عدم المنافاة بين علمه بالملك وشهادته به مع انتقاله عن المالك الآن»(8).
قلت: ليس ما ذكره وجه الفرق بين المسألتين، فهناك يتعرض كلتا البينتين للملكية الفعلية ويتعارضان فيتساقطان، ويكون استصحاب الملكية السابقة جارياً بلا معارض، وهنا اليد معارضة مع الإستصحاب. فحاصل الفرق عدم المعارض للإستصحاب في تلك المسألة، وتحقق التعارض بين اليد والإستصحاب في هذه.
وأما الإقرار، فلو أقرّ ذو اليد بكون العين للمدّعي بالأمس، فإنه يطالب بإثبات شرعيّة يده الفعلية عليها، وأما إذا اُخذت العين منه بإقراره ودفعت إلى المدّعي، ثم وجدت في اليوم التالي ـ مثلاً ـ بيده، فلا يؤخذ بإقراره السابق، نعم، لو شك في صحة يده الآن استصحب عدم الناقل الشرعي.
قال المحقق قدّس سرّه: «أما لو شهدت بيّنة المدّعي أن صاحب اليد غصب أو استأجره، حكم بها، لأنها شهدت بالملك وسبب يد الثاني»(9).
أقول: لو شهد الشاهدان على أن ذا اليد قد غصب العين بالأمس من زيد، فإنه مع الشك في تبدّل يده اليوم إلى يد شرعيّة، يستصحب كونها عدوانية، فتسقط يده الفعلية عن الإعتبار، لأن اليد التي لم يثبت شرعيتها ليست أمارة للملكية.
قال: «ولو قال: غصبني إيّاها، وقال آخر: بل أقرّ لي بها، وأقاما البينة، قضي للمغصوب منه ولم يضمن المقرّ، لأن الحيلولة لم تحصل بإقراره بل بالبينة»(10) التي أقامها الآخر وإن كانت بزعم هذا ظالمة، والحكم في هذه المسألة واضح، ولا خلاف فيه على ما في (الجواهر)(11).

(1) شرائع الإسلام 4 : 112.
(2) انظر كشف اللثام في شرح قواعد الأحكام 10 : 261.
(3) مستند الشيعة 17 : 413 وما بعدها.
(4) العروة الوثقى 3 : 146 ـ 147.
(5) قواعد الأحكام 3 : 490.
(6) عن أبي عبد الله عليه السلام « قال له رجل: إذا رأيت شيئاً في يدي رجل يجوز لي أن أشهد أنه له؟ قال: نعم . قال: الرجل: أشهد أنه في يده ولا أشهد أنه له فلعلّه لغيره. فقال أبو عبد الله عليه السلام: أفيحلّ الشراء منه؟ قال نعم، فقال أبو عبد الله عليه السلام: فلعلّه لغيره، فمن أين جاز لك أن تشتريه ويصير ملكاً لك ثم تقول بعد الملك: هو لي وتحلف عليه ولا يجوز أن تنسبه إلى من صار ملكه من قبله إليك؟ ثم قال أبو عبد الله عليه السلام، لو لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق » وسائل الشيعة 27 : 292/2 . أبواب كيفية الحكم ، الباب 25.
(7) قواعد الأحكام 3 : 490.
(8) مسالك الأفهام 14 : 101 ـ 102.
(9) شرائع الإسلام 4 : 112.
(10) شرائع الإسلام 4 : 113 .
(11) جواهر الكلام 50 : 456.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *