1 ـ في المسألة الأُصولية

المقام الأوّل ( مقتضى الأصل في المسألة الأُصولية )
إنّه يمكن طرح الاستصحاب في الأُصوليّة في الجعل، بأن يكون الأصل عدم جعل الملازمة، ويمكن طرحه في المجعول، بأن يكون الأصل عدم الملازمة نفسها….
يقول المحقّق الخراساني بعدم جريان الاستصحاب في المسألة الأُصوليّة لعدم تماميّة أركانه فيها، لعدم الحالة السابقة، بل تكون الملازمة أو عدمها أزليةً.
وتوضيح ذلك: قالوا إنّ هناك أُموراً تلازم الماهيّة ولا تنفكُّ عنها، سواء كانت الماهيّة موجودةً أو لا، كالزوجيّة بالنسبة إلى الأربعة كما يقولون. وإنّ هناك أُموراً تلازم وجود الماهيّة كالحرارة الملازمة لماهيّة النار الموجودة خارجاً….
وعلى هذا، فإنّ لوازم الماهيّة لا تكون مسبوقة بالعدم، بخلاف لوازم الوجود فلها حالة سابقة، لأنّها قبل أن تكون الماهيّة كانت معدومة وبوجودها وجدت.
ثمّ إنه يقول بأنّ الملازمة بين وجوب المقدّمة ووجوب ذيها هي من قبيل لوازم الماهيّة لا من قبيل لوازم وجودها، فإنّ وجوب المقدّمة لا ينفك عن وجود ذيها كما لا تنفكّ الزوجيّة عن الأربعة، إنّها ملازمة موجودة عند العقل… فليس لها حالة سابقة حتى تكون مجرى الإستصحاب.
قال الأُستاذ:
أوّلاً: إنّ كلام المحقّق الخراساني مبني على أن تكون الملازمة من لوازم الماهيّة، وأمّا بناءً على أنّها من لوازم الوجود، فإنّه كلّما وجد وجوب ذي المقدّمة استلزم وجود وجوب المقدّمة، فالملازمة بين الوجودين، وقد تقرّر أن الوجودين مسبوقان بالعدم فكذا لازمهما، فالملازمة لها حالة سابقة.
وثانياً: إنّه يعتبر في المستصحب أن يكون إمّا حكماً شرعيّاً وإمّا موضوعاً لحكم شرعي، لكنّ الملازمة بين الوجوبين ليست بحكم شرعي بل هي من الموضوعات التكوينيّة، ولا هي موضوع لحكم شرعي لعدم ترتّب شيء من الأحكام الشرعيّة عليها، وعليه، فإنّه لو أجري الاستصحاب في الملازمة، كان لازم هذا الاستصحاب هو وجوب المقدّمة شرعاً وجوباً غيريّاً، فكان وجوبها أثراً عقليّاً للاستصحاب، وهو أصل مثبت.
وتلخّص: إنّ الملازمة إن كانت من لوازم الوجود لا الماهيّة، فلها حالة سابقة خلافاً لصاحب الكفاية، لكنّ الإستصحاب لا يجري إلاّ بناءً على القول بالأصل المثبت، فظهر الفرق علماً وعملاً. أمّا علماً، فالملازمة هي بين وجودي الماهيّتين لا نفس الماهيّتين. وأمّا عملاً، فإنّ الإستصحاب يكون جارياً عند من يقول بحجيّة الأصل المثبت.
قال الأُستاذ:
لكنّ التحقيق عدم معقوليّة أنْ يكون للماهيّة لوازم، وعدّهم الزوجيّة من لوازم الأربعة غير صحيح، لأنّ الزوجيّة ماهيّة والأربعة ماهيّة، ولا يعقل استلزام ماهيّة لماهيّة أُخرى، لكون الماهيّات متباينات بالذات. هذا أوّلاً.
وثانياً: إنّه لا يتصوّر أنْ يكون للماهيّة ـ بقطع النظر عن الوجود ـ استلزام، لأن كون الشيء ذا لزوم أمر وجودي، والملازمة من الأُمور الوجوديّة، فكيف تستلزم الماهيّة من حيث هي هي أمراً وجوديّاً ؟
نعم، الزوجيّة تلازم الأربعة، لكنْ بوجودها الذهني أو الخارجي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *