وقد وقع الكلام بين الأعلام في المقدّمة، هل هي واجبة بالوجوب الشرعي أو إنها لابديّة عقلية ؟
والأقوال المهمّة في المسألة أربعة، قد ذكرها صاحب الكفاية أيضاً.
1 ـ الوجوب مطلقاً.
2 ـ عدم الوجوب مطلقاً.
3 ـ التفصيل بين السبب وغيره.
4 ـ التفصيل بين المقدّمة الشرعيّة وغيرها.
مقتضى الأصل العملي
إلاّ أنّ المحقّق الخراساني قدّم البحث عن مقتضى الأصل في المقام على ذكر الأدلّة، وتبعه على ذلك غيره، قال(1):
إعلم أنّه لا أصل في محلّ البحث في المسألة، فإن الملازمة بين وجوب المقدمة ووجوب ذي المقدّمة وعدمها، ليست لها حالة سابقة، بل تكون الملازمة أو عدمها أزليّةً، نعم، نفس وجوب المقدّمة يكون مسبوقاً بالعدم، حيث يكون حادثاً بحدوث وجوب ذي المقدّمة، فالأصل عدم وجوبها.
والحاصل: إن هنا مسألتين، مسألة أُصوليّة، وهي هل وجوب ذي المقدّمة يلازم وجوب المقدّمة أو لا ؟ فهذه مسألة كبروية أُصولية تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي، فإذا ثبتت الملازمة أفتى الفقيه بوجوب المقدّمة وجوباً شرعيّاً، وإلاّ فلا.
ومسألة فقهيّة فرعيّة، هل المقدّمة واجبة أو لا ؟
إذا علم هذا، فإنّ الأصل المطروح في المقام هو الاستصحاب، وصاحب الكفاية يرى جريانه في المسألة الفقهيّة دون المسألة الأُصوليّة، فمن قوله « إعلم… » يريد الأُصوليّة، ومن قوله: « نعم… » يريد الفقهيّة، فالكلام في مقامين:
(1) كفاية الأُصول: 125.