إشكالٌ و جواب
وربما قيل(1): إن البيع يباين الإجارة كما هو واضح، وهي تمليك المنفعة بعوض، فيكون البيع تمليكاً للعين فقط، وإلاّ كانت الإجارة فرداً للبيع لا مباينةً له.
ولا يخفى: أن المراد من العين ليس العين الإصطلاحيّة، أي الموجود الخارجي بما هو موجود في الخارج وجوهر، ولذا يجوز بيع الكلّي في الذّمة، بل المراد ما لو وجد في الخارج لكان عيناً، سواء كان موجوداً بالفعل أو لا، في مقابل المنفعة والحق.
قلت: إنْ كان لهذا التبادر وصحة السّلب واقعيّة لدى العرف العام، كما ذكر السيد اليزدي قدّس سرّه(2) فهو، وأمّا ما قيل من أنّ البيع يباين الإجارة… فغير تام، لما ذكرنا ـ في بحث الإجارة ـ من أنّ لفظ الإجارة يتعلّق بالعين، فيقال: آجرت الدار، ولا يكون المنفعة، والإجارة: جعل العين في يد الغير لأن ينتفع بها بعوض. بخلاف العارية حيث تكون كذلك مجّاناً، فإذا ادّعينا أنّ هذا حقيقة الإجارة وليس تمليك المنفعة بعوض، كان الفرق بين البيع والإجارة واضحاً، والمقابلة بينهما تامة، لأنّ البيع ـ بناءً على التبادر وصحة السّلب المذكورين ـ جعل العين في يد الغير وتحت سلطنته بقول مطلق، والإجارة: جعلها كذلك لأنْ ينتفع بها بعوض. لكن الكلام في ثبوت التبادر وصحة السلب… .
فإن ثبت ذلك، لم يكن مناص من التزام المجاز في الموارد التي استعمل فيها لفظ البيع وكان متعلّقه منفعةً لا عيناً… كما في الأخبار الآتية، وإلاّ كان البيع كما عن المصباح مبادلة مال بمال، فهو عبارة عن التمليك سواء تعلّق بالعين أو المنفعة لأن المال أعم منهما، والإجارة جعل العين بيد الغير لأنْ ينتفع بها بعوض.
فظهر الفرق بين الإجارة والبيع على كلا تقديري ثبوت التبادر وصحّة السّلب وعدم ثبوتهما، وأنّ الوجه الآخر مخدوش[1].
[1] لقد أشار طاب ثراه إلى مطلبين، أحدهما: دليل قول الشيخ قدّس سرّه. والثاني: المراد من «العين»، إلاّ أن الظاهر من كلامه هو التوقّف، وينكشف السرّ في ذلك ببسط الكلام وشرح المقام، فنقول:
(1) بغية الطّالب 1 / 20.
(2) حاشية المكاسب 1 / 272.