2- في قسمة الأرض التي فيها زرع

المسألة الثانية

(في قسمة الأرض التي فيها زرع)

قال المحقق قدّس سرّه: «لو كان بينهما أرض وزرع، فطلب قسمة الأرض حسب، أُجبر الممتنع»(1).
أقول: وقد نقل هذا عن الشيخ، بل الظاهر أنه رأي المشهور، وفيه تأملّ، لأنه إذا طلب أحدهما قسمة الأرض حسب فقال الآخر: لا، بل يقسم الكلّ، أي الأرض وما عليها، فلماذا يجبر هذا ولا يجبر ذاك؟ هذا غير واضح عندنا.
قال المحقق: «لأن الزرع كالمتاع في الدار»(2).
أقول: يعني فرق بين الأرض والبناء وبين الأرض والزرع، فإن البناء تابع للأرض التي بني عليها، بخلاف الزرع فإنه لا يتبع الأرض بل هو كالمتاع في الدار، فيجوز بيع الأرض مجرّداً عن الزرع لعدم التبعية، كما تباع الدار ولا يباع معها المتاع الموجود فيها، ومن هنا، فإذا أراد أحدهما تقسيم الأرض وحدها أُجبر الممتنع، ولازم هذا أنه إذا طلب الآخر تقسيم الزرع أيضاً أُجبر الآخر على ذلك لفرض الاستقلال.
قال: «فلو طلب قسمة الزرع، قال الشيخ: لم يجبر الآخر، لأن تعديل ذلك بالسهام غير ممكن(3)، وفيه إشكال، من حيث إمكان التعديل بالتقويم إذا لم يكن فيه جهالة»(4).
أقول: مفاد هذا الكلام هو الاختلاف في إمكان التعديل وعدم إمكانه، لكن الزارعين ـ وهم أهل الخبرة بالتقسيم في جميع الحالات ـ إذا توقّفوا في كيفية التقسيم، يبيعون الزرع ويقسّمون ثمنه.
قال: «أما لو كان بذراً لم يظهر، لم تصح القسمة، لتحقق الجهالة»(5).
أقول: لا خلاف في هذه المسألة، لأن البذر الذي يظهر من الأرض لا يمكن تقسيمه، لعدم المساواة بين الحب الموجود في هذا الجريب من هذه الأرض وبين الموجود في الجريب الآخر، وإن كان القدر المتعارف بين الزارعين لكلّ جريب معلوماً، ولأنه لا يعلم الفاسد من غيره في البذر الموجود في هذه الأرض، فما ذهبوا إليه من عدم صحّة القسمة حينئذ هو الصحيح، بل لا عرفية للقسمة في هذه الصورة.
قال: «ولو كان سنبلاً، قال أيضاً: لا يصح، وهو مشكل، لجواز بيع الزرع عندنا»(6).
أقول: قال الشيخ في (المبسوط): «فإن كان بينهما أرض فيها زرع، فطلب أحدهما القسمة، فإما أن يطلب قسمة الأرض أو الزرع أو قسمتهما معاً، فإن طلب قسمة الأرض دون غيرها أجبرنا الآخر عليها، على أي صفة كان الزرع، حباّ أو قصيلاً(7)، أو سنبلاً قد اشتد، لأن الزرع في الأرض كالمتاع في الدار لا يمنع القسمة فالزرع مثله، وأما إن طلب قسمة الزرع وحده لم يجبر الآخر عليه، لأن تعديل الزرع بالسهام لا يمكن. وأما إن طلب قسمتها مع زرعها لم يخل الزرع من ثلاثة أحوال:
إما أن يكون بذراً أو حباً مستتراً أو قصيلاً، فإن كان حبّاً مدفوناً لم تجز القسمة، لأنا إن قلنا: القسمة إفراز حق فهو قسمة مجهول أو معدوم فلا تصح، وإن قلنا: بيع لم يجز لمثل هذا، وإن كان الزرع قد اشتد سنبله وقوي حبّه، فالحكم فيه كما لو كان بذراً وقد ذكرناه، وإن كان قصيلاً أجبرنا الممتنع عليها، لأن القصيل فيها كالشجر فيها، ولو كان فيها شجر قسّمت بشجرها كذلك هنا»(8).
أقول: لم يتضح لنا وجه تفصيل الشيخ جيّداً، وإن حاول صاحب (الجواهر) بيانه، فلاحظ وتأمل.

(1) شرائع الإسلام 4 : 104.
(2) شرائع الإسلام 4 : 104.
(3) المبسوط في فقه الامامية 8 : 141.
(4) شرائع الإسلام 4 : 104.
(5) شرائع الإسلام 4 : 104.
(6) شرائع الإسلام 4 : 104.
(7) القصيل ما قطع من الزرع أخضر.
(8) المبسوط في فقه الامامية 8 : 141.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *