حكم ما لو كان كبيراً.
قال المحقق: «أما لو كان كبيراً، وأنكر، فالقول قوله، لأن الأصل الحرّية»(1).
أقول: إنه إذا ادّعى الرجل رقيّة كبير، فإن أنكر كان على الرجل المدّعي إقامة البينة، وحيث لا بينة فالقول قول الكبير، لأن الأصل الحرّية.
وأما إذا اعترف بالرقية وادّعى تحرير الرجل إيّاه، فلا تسمع هذه الدعوى إلا ببينة، وهو غير دعوى الحريّة من أول الأمر، وعلى هذا يحمل الأخبار الدالّة على جواز شراء المملوك من سوق المسلمين مع دعواه الحرية، فإنه مع عدم البينة لا تسمع ويبنى على رقيّته فيشترى.
وإن أقرّ، ترتب الأثر على إقراره، ولا فرق بين الإقرار لواحد أو لاثنين، فإنه يكون ملكاّ لكليهما على الإشاعة.
قال المحقق قدّس سرّه: «ولو ادّعى اثنان رقيّته فاعترف لهما قضي عليه، وإن اعترف لأحدهما كان مملوكاً له دون الآخر»(2) لعموم جواز إقرار العقلاء على أنفسهم، وربما يستدل له باعتبار قول ذي اليد بناء على كونه ذا يد على نفسه.
قال في (الجواهر) بعد أن ذكر عدم وجدانه الخلاف في هذا الحكم: «وحكي عن الشيخ في مسألة دعوى العبد العتق والآخر الشراء في إنكار كون العبد ذا يد على نفسه أنه قال: لأنه لو كان ذا يد لقبل إقراره بالملكية لأحد المتنازعين فيه، ومقتضاه المفروغية من عدم قبول إقراره، إلا أنه كما ترى لا دليل عليه، بل ظاهر الأدلّة خلافه.
وفي كشف اللثام: وإذا أقاما بينتين متعارضتين، فصدّق أحدهما خاصة، لم تترجح به بينته، لأنه لا يد له على نفسه، فإنه أن كان حرّاً فلا يد له، وإن كان مملوكاً فلا يد عليه إلا لمالكه(3). وفيه: إنه مناف لقبول إقراره بالرقيّة مع عدم البينة الذي اعترف به سابقاً، بل ظاهره الإجماع عليه، فتأمل»(4).
أقول: يمكن أن يكون الشيخ وكاشف اللثام منكرين لعنوان كونه ذا يد، لا أنهما مخالفان في قبول هذا الإقرار، لأنهما قالا بما قالا في فرعين غير هذا الفرع الذي نحن فيه، فالشيخ لا يوافق في تلك المسألة على تأثير ذاك الإقرار لكونه بعنوان ذي اليد، وكاشف اللثام ينكر هناك أن يكون قول العبد مرجّحاً لاحدى البينتين لأنه ليس ذا يد، والإقرار المجرّد ليس من المرجحات، فالظاهر عدم ورود إشكال (الجواهر)، وأنهما غير مخالفين في المقام، والله العالم.
(1) شرائع الاسلام 4 : 116.
(2) شرائع الاسلام 4 : 116.
(3) كشف اللثام 10 : 203.
(4) جواهر الكلام 40 : 479.