الرابعة: حكم ما لو ادّعى اثنان كون الذبيحة له و في يد كلٍّ بعضها

المسألة الرابعة

(حكم ما لو ادّعى اثنان كون الذبيحة له وفي يد كلٍّ بعضها)

قال المحقق قدّس سرّه: «لو ادّعى كلّ منهما أن الذبيحة له وفي يد كلّ واحد بعضها، وأقام كلّ منهما بيّنة، قيل: قضي لكلّ منهما بما في يد الآخر، وهو الأليق بمذهبنا»(1).
أقول: إن كانت الذبيحة واحدة، وقد وضع كلّ منهما يده على طرف منها وأقام بينة على أنها جميعاً له، فالحكم هو التنصيف. وإن كان ما في يد كلّ منهما منفصلاً عمّا في يد الآخر، فعلى القول بتقدّم بينة الخارج ـ وهو الأليق بمذهبنا ـ يقضى لكلّ منهما بما في يد الآخر، سواء كانا متساويين أو مختلفين في المقدار…
ولو لم يكن لهما يد، فالحكم هو التنصيف.
قال المحقق: «وكذا لو كان في يد كلّ واحد شاة، وادّعى كلّ منهما الجميع وأقاما بينة، قضي لكلّ منهما بما في يد الآخر»(2).
أقول: وذلك لعدم الفرق بين هذا الفرع والفرع السابق عليه.
قال في (الجواهر): «ومما يتفرع على ذلك أنه لو كان المتخاصمان في بعض الذبيحة المنفصلين كافراً ومسلماً، حكم بكون ما يقضى به للكافر ميتة وللمسلم مذكى، وإن كان كلّ واحد من الجزئين انتزعه من الآخر، عملاً بظاهر اليد المعتبرة شرعاً، ولا يقدح في ذلك اليد السابقة، بل لعلّ الحكم كذلك في الجزئين المنفصلين، ضرورة اتّحاد الملاك فيهما، كما تقدم الكلام في ذلك في قسم العبادات»(3).
أقول: كيف يكون اللّحم الواحد الذي يملكه المسلم والكافر على الإشاعة بعضه نجساً ـ وهو الذي كان في يد الكافر ـ والبعض الآخر طاهراً وهو الذي كان في يد المسلم؟ إن هذه الذبيحة إما ميتة نجسة كلّها وإما طاهرة كلّها، فما ذكره رحمه الله مشكل، لا سيما في المشاع.
نعم، يمكن معاملة الطاهر مع ما يجئ من خارج بلاد المسلمين من الجلود، فيما إذا احتملنا إحراز البائع المسلم له بطهارته، أما في مسألتنا هذه، فإن الذي بيد المسلم مقطوع بكونه مأخوذاً من الكافر وإن أصبح ملكاً له الآن بعد المرافعة بحكم الحاكم، وعلى ما ذكرنا، فلو علمنا بكون اللّحم الموجود الآن بيدالكافر مذبوحاً بيد المسلم حكمنا بطهارته.
فالحاصل: إنه على أثر حكم الحاكم، يكون ما في يد المسلم مختصاً له، وهذا هو القدر المتيقن، وأما ترتب أثر الطهارة أيضاً على هذا الحكم واليد الحاصلة بعده، فمشكل جدّاً.

(1) شرائع الاسلام 4 : 116.
(2) شرائع الاسلام 4 : 116.
(3) جواهر الكلام 40 : 480.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *