نقد هذا الرأي
أوّلاً: إنه خلاف مقتضى الأصل الأوّلي والظهور، فإنّ النهي لما تعلَّق بـ«البيع» كان مقتضى الأصل والقاعدة كون المتعلّق هو هذا العنوان، فله الموضوعية، وإرجاعه إلى «أكل الثمن» خلاف الأصل والقاعدة، اللّهم إلاّ بدليل.
وثانياً: هناك في بعض الموارد النّهي عن المعاملة وعن ترتيب الأثر عليها، فلو كان النهي عنها عبارةً عن النهي عن ترتيب الأثر، لزم اللغوية. ومثاله: النص الصحيح في الخمر: «لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله الخمر… وآكل ثمنها…»(1).
وثالثاً: إذا كان المنهي عنه هو ترتيب الأثر، كانت الفتوى بحرمة نفس المعاملة بلا دليل، كما في حرمة بيع الميتة على المشهور بل المجمع عليه، لأنّ المستند لحرمة بيعها الإجماع أو النص، أمّا النص، فقد جاء ناهياً عن البيع وهو ظاهر في المنع عن البيع نفسه تكليفاً. وأمّا الإجماع، فقد ادعاه الشيخ في الخلاف والعلاّمة في المنتهى والتذكرة(2)، وعبارته في التذكرة «لا يجوز» وهو أعمّ من التكليف والوضع، وفي المنتهى: «لا يصح»، وهو غير الإجماع على الحرمة، والشيخ في الخلاف في كتاب الرهن المسألة 35: الإجماع على عدم ملكيّة الميتة، وليس بيع الميتة. فلا إجماع على الحرمة… على أنه لو كان فهو مدركي. فالدليل هو إمّا إطلاق الآية (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)(3). وفيه: إنه ظاهر في الأكل فلا إطلاق. وإمّا خبر البزنطي(4)، وهذا هو الصحيح.
وتلخّص: قيام الدليل على حرمة البيع، ولا يمكن الالتزام بعدمه، بل السيد نفسه من القائلين بذلك، مضافاً إلى البطلان.
ورابعاً: لا إشكال في كراهية بعض المعاملات كبيع الأكفان، وهل يصح أن يقال بكراهة ترتيب الأثر؟
هذا كلّه، بالإضافة إلى ما في دعواه من كون المسبّب لا يتعلّق به الغرض ولا يكون مقصوداً للعقلاء، فإنّه قد يكون نفس المسبّب مورداً للغرض… فليس الأمر كذلك دائماً.
وتلخص: سقوط هذا الطريق للدلالة على الفساد في المعاملات.
(1) وسائل الشيعة 17 / 224، الباب 55 من أبواب ما يكتسب به، الرقم: 3.
(2) تذكرة الفقهاء 10 / 31.
(3) سورة المائدة: الآية 3.
(4) وسائل الشيعة 24 / 39، الباب 19 من أبواب الذبائح، الرقم: 7.