هل الوجوب الغيري يتعلّق بمطلق المقدّمة أو حصّة معيّنة منها؟
ثم إنّه قد وقع الخلاف بين الأعلام في متعلّق الوجوب الغيري، فهل هو مطلق المقدمة أو خصوص حصّة معيّنة منها ؟ أقوال:
أحدها: ما نسب إلى صاحب المعالم: من اشتراط وجوب المقدمة بالعزم والإرادة على الإتيان بذيها… فيكون قيداً للوجوب.
والثاني: ما نسب إلى الشيخ من أنّ متعلّق الوجوب: المقدّمة التي قصد بها التوصّل إلى الواجب… فيكون قيداً للواجب.
والثالث: ما اختاره صاحب الفصول: من أنّ متعلّق الوجوب هو المقدّمة الموصلة إلى ذي المقدّمة.
والرابع: ما نسب إلى المشهور: من أنّ متعلّق الوجوب هو المقدّمة.
النظر في القول الأوّل
إنّ كلمات صاحب ( المعالم ) مضطربة مختلفة، فله كلام يحتمل أنّه يريد كون الوجوب مشروطاً بإرادة ذي المقدّمة بنحو القضيّة الشرطية، وأن يريد أنّها واجبة حين إرادة ذي المقدّمة بنحو القضيّة الحينيّة.
وكلامه على كلّ تقدير غير مقبول، لأنّه بناءً على وجوب المقدّمة، فإنّ المبنى فيه هو الملازمة بين مطلوبيّة ذي المقدمة بالطلب النفسي ومطلوبيّة المقدمة بالطلب الغيري، وعليه يكون وجوبها تابعاً لوجوبه ولا تفكيك بينهما، وحينئذ، يستحيل تقيّد وجوب المقدمة بإرادة ذيها، لأنّ الوجوب إنما هو من أجل أن يؤثّر في الإرادة، فاشتراطه بها تحصيل للحاصل… ووجوب شيء في حال أو حين إرادة ذلك الشيء، فإنّه تحصيل للحاصل كذل.
إذن، ليس وجوب المقدّمة مشروطاً بإرادة ذي المقدّمة، ولا هو في حال إرادته.
والحاصل، إنّه بعد ثبوت التبعية، يستحيل الاشتراط بالإرادة أو التقييد بحالها، وإلاّ يلزم التفكيك بين الوجوبين الغيري والنفسي.
Menu