هل تكفي الكتابة عن الإشارة؟

هل تكفي الكتابة عن الإشارة؟
قال الشّيخ:
والظاهر أيضاً: كفاية الكتابة مع العجز عن الإشارة… وأمّا مع القدرة على الإشارة، فقد رجّح بعض الإشارة، ولعلّه لأنها أصرح… وفي بعض روايات الطلاق ما يدلّ على العكس… .
أقول:
القائل بتقدّم الكتابة ـ مع التمكّن منها ـ على الإشارة هو ابن إدريس رحمه اللّه، لما رواه البزنطي في الصحيح، عن أبي الحسن عليه السلام:
«عن الرجل تكون عنده المرأة… يصمت ولا يتكلّم، قال: أخرس هو؟ قلت: نعم، ويعلم منه بغض لامرأته وكراهة لها، أيجوز أنْ يطلّق عنه وليّه؟ قال: لا ولكنْ يكتب ويشهد على ذلك. قلت: فإنه لا يكتب ولا يسمع كيف يطلّقها؟ قال: بالذي يعرف به من أفعاله مثل ما ذكرت من كراهته وبغضه لها»(1).
ومن الواضح: إنّ الكتابة حكاية عن الألفاظ، وهي دالّة بالوضع على المعاني الموضوعة لها، لكنّ الكتابة لا تدلّ على الإنشاء إلاّ بالقرائن، ومعها تكون الكتابة مقدّمة على الإشارة بمقتضى هذه الصحيحة. واللّه العالم.
وخلاصة المطلب أنّ الشيخ رحمه اللّه يرى كفاية الكتابة عند العجز عن الإشارة، لفحوى ما ورد في كتابة الطلاق، وذكر أن بعض الأصحاب رجّح الإشارة على الكتابة لكونها أصرح.
ثم أفاد أن المستفاد من بعض الأخبار تقدّم الكتابة… .
أمّا كلمته الاولى:
فقد كان الأولى أن يقول «لإطلاق» ما ورد، لا «لفحوى»، لأنّ بعض الأخبار الواردة في طلاق الأخرس مطلق بكلّ وضوح، كقوله: «في رجل أخرس كتب في الأرض بطلاق امرأته. قال: إذا فعل في قبل الطهر بشهود وفهم عنه كما يفهم عن مثله ويريد الطلاق جاز طلاقه على السنّة»(2) أي: أعم من كونه عاجزاً عن الإشارة وعدمه.
وفي أخرى: «… لا يكون طلاقاً ولا عتقاً حتى ينطق به لسانه أو يخطّه بيده وهو يريد الطلاق أو العتق…»(3).
وأمّا كلمته الثانية:
فإن الأصرحيّة تفيد الأولويّة لا التعيّن، وقد تقدّم أنّ الكتابة لا آليّة لها للإنشاء ـ بخلاف الألفاظ ـ فترجّح الإشارة من هذه النّاحية، نعم، قد تفيد القرائن الحاليّة الحافة بالكتابة الإنشاء والقصد للمعنى، كما تفيد دلالتها على التصديق للخبر إنْ كانت الجملة المكتوبة خبريّة.
وأما الصحيحة المتقدمة الدالّة على تقدّم الكتابة، فلا يبعد أنْ يكون من جهة أنّ الكتابة نحوُ وجود للصيغة الخاصة المجمع على اعتبارها وهي «أنت طالق» بخلاف الإشارة، فإنّها ليست بوجود للصّيغة المعتبرة، ولو تنزّلنا، فالقول بذلك في ساير المعاملات قياسٌ.
فالمرجع في البيع بعد إحراز الصغرى عمومات البيع.

(1) وسائل الشيعة 22 / 47، الباب 19 من أبواب مقدمات الطلاق، الرّقم: 1.
(2) وسائل الشيعة 22 / 48، باب جواز طلاق الأخرس بالكتابة والإشارة، الرّقم: 4.
(3) وسائل الشيعة 22 / 37، باب عدم وقوع الطلاق بالكناية…، الرّقم: 3.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *