لا تعرّض في نصوص الضمان المثل

السادس(1)
فيما لو كان التالف مثليّاً
قال الشيخ:
إذا تلف المبيع، فإنْ كان مثليّاً وجب مثله بلا خلاف. إلاّ ما يحكى عن ظاهر الإسكافي.
وقد اختلفت كلمات أصحابنا في تعريف المثلي… .
أقول:
إذا تلف المبيع في يد المشتري فالحكم هو الضمان على ما تقدّم، والكلام الآن في البدل. يقول الشيخ إنه إن كان مثليّاً وجب مثله وإنْ كان قيمياً وجبت قيمته.
فيقع البحث في جهات:
الاولى: في تعريف المثلي والقيمي، والأقوال في ذلك.
والجهة الثانية: لو اختلف الحال باختلاف الأزمنة والأمكنة، بأنْ كان مثليّاً في مكان أو زمان وقيميّاً في آخر، فما هو الحكم؟
والجهة الثالثة: لو وقع الشك في شيء بنحو الشبهة الموضوعية أنه مثلي أو قيمي، فما هو مقتضى القاعدة، الاشتغال أو البراءة عن الزائد أو التخيير؟
والجهة الرابعة: هل الإجماعات المدّعاة في المسألة قائمة على الشبهات الحكمية حتى تكون مؤثرة بناءً على حجيّتها أو على الشبهات الموضوعية، والاجماع فيها بلا أثر؟
قال الشيخ: إنْ كان مثليّاً وجب مثله، بلا خلاف إلاّ ما يحكى عن ظاهر الإسكافي.
وهذه عبارة الإسكافي كما حكاها صاحب الجواهر(2):
إن تلف المضمون ضمن قيمته أو مثله إنْ رضي صاحبه… .
ويحتمل أنْ يكون نظره إلى أنّ الشيء مركّب من العينيّة والماليّة، فإذا زالت العينيّة بقيت القيميّة، فيكون المتلف ضامناً للقيمة، ولا يكون ضامناً للمثل لكونه وجوداً آخر مغايراً للتالف، نظير ما في قاعدة اليد من وجوب أداء ما أخذ، فلو تلف وجب عليه دفع مالية التالف، وأمّا الفرد الآخر منه فلم يكن مأخوذاً.

لا تعرّض في نصوص الضمان المثل
وقبل الورود في الجهات نقول:
إن الموجود في النصوص هو «الضمان» بألفاظه المختلفة، ولم نجد في شيء منها تعرّضاً للمثل، وإنّما يوجد التعرّض للقيمة في صحيحة أبي ولاّد وموارد قليلة، وهذه طائفة من نصوص الضمان:
محمّد بن عليّ بن الحسين قال: قال عليه السّلام: «إذا استعيرت عارية بغير إذن صاحبها فهلكت فالمستعير ضامن»(3).
عن محمّد بن الحسن قال: «كتبت إلى أبي محمّد عليه السّلام، رجل دفع إلى رجل وديعة فوضعها في منزل جاره فضاعت، هل يجب عليه إذا خالف أمره وأخرجها عن ملكه؟ فوقّع عليه السّلام: هو ضامن لها إن شاء اللّه»(4).
عن الحلبي قال: «سألت أبا عبداللّه عليه السّلام، عن رجل تكارى دابّة إلى مكان معلوم فنفقت الدّابة؟ قال: إن كان جاز الشّرط فهو ضامن، وإن دخل وادياً لم يوثقها فهو ضامن، وإن سقطت في بئر فهو ضامن لأنّه لم يستوثق منها»(5).
عن السّكوني عن أبي عبداللّه عليه السّلام: «رفع إليه رجل استأجر رجلاً يصلح بابه، فضرب المسمار فانصدع الباب، فضمّنه أمير المؤمنين عليه السّلام»(6).
عن الحلبي عن أبي عبداللّه عليه السّلام نحو ما تقدّم عنه، وزاد هنا: «وأيّما رجل تكارى دابّة فأخذتها الذئبة فشقّت كرشها فنفقت، فهو ضامن، إلاّ أن يكون مسلماً عدلاً»(7).
فمادّة الضمان واردة في نصوص كثيرة، وهي ملقاة إلى العرف، الذي هو المرجع في استظهار مفاهيم الألفاظ وتعيين معانيها، فتشخيص ما يجب على الضامن دفعه بدلاً عن التالف مثلاً أو قيمةً موكول إلى نظر العرف.

(1) وهو الرابع في كتاب المكاسب.
(2) جواهر الكلام 37 / 85 .
(3) وسائل الشيعة 19 / 97، الباب 4 من أبواب الوديعة، الرّقم: 1.
(4) وسائل الشيعة 19 / 81 ، الباب 5 من أبواب الوديعة، الرّقم: 1.
(5) وسائل الشيعة 19 / 121، الباب 17 من أبواب الإجارة، الرّقم: 3.
(6) وسائل الشيعة 19 / 144، الباب 29 من أبواب الإجارة، الرّقم: 9.
(7) وسائل الشيعة 19 / 156، الباب 32 من أبواب الإجارة، الرّقم: 3.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *