فيه ثلاثة وجوه

فثلاثة أقوال:
أوّلها: فساد العقد، قال به جماعة، لأن العقد أمر واحد متقوم بالطرفين، فلابدّ من أن يتّفق الطرفان في جهة صحة العقد… .
والثاني: صحّة العقد، وأنّ الاختلاف غير مضر.
وثالثها: اشتراط عدم كون العقد المركّب منهما ممّا لا قائل بكونه سبباً في النقل، كما لو فرضنا أنه لا قائل بجواز تقديم القبول على الإيجاب وجواز العقد بالفارسيّة.
وهذا الوجه عند الشيخ أردء الوجوه.
قال الشيخ:
والأوّلان مبنيّان على أنّ الأحكام الظاهرية المجتهد فيها بمنزلة الواقعيّة الاضطراريّة… أم هي أحكام عذريّة لا يعذر فيها إلاّ من اجتهد أو قلّد فيها.
والمسألة محرّرة في الاصول.
أقول:
ذكر قدّس سرّه أن القولين الأوّلين يبتنيان على ما طرح في الاصول من أنّ الأحكام الظاهرية هل لها حيثية الموضوعية أو أنها طريقيّة محضة، بمعنى: هل بقيام الدليل من أمارة أو أصل تتحقق مصلحة ينشأ الحكم على طبقها أوْ لا؟ فإنْ كان الأوّل، فالعقد صحيح، لأنّ كلاًّ من المختلفين يستند إلى دليل أو أصل قائم على ما يختاره، فيوجب حدوث مصلحة هي منشأ للحكم الشرعي، فكما أنّ صلاة المتيمّم، بمنزلة صلاة واجد الماء، كذلك يكون الإيجاب بالفارسيّة من المجتهد القائل بصحّته بمنزلة إشارة الأخرس في ترتّب الأثر، فالأحكام الظاهرية الثابتة على طبق الاصول والأمارات واقعيةٌ ثانويّة، نظير الأحكام الثابتة في مورد الاضطرار المجعولة واقعاً، على طبق المصلحة الحادثة، وعليه، فإنّ لكلٍّ المتعاقدين حكماً شرعيّاً واقعيّاً، فيكون صحيحاً.
وإنْ كان الثاني، فالعقد غير صحيح، لأنّ الأحكام الظاهريّة لا توجب مصلحةً واقعيّةً، وإنما هي في صورة المخالفة للواقع معذّرة، فإذا اختلف المتبايعان كان الحكم الواقعي على ما هو عليه، وهما معذوران فيما إذا خالف عملهما للواقع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *