رأي المحقق الإصفهاني

رأي المحقق الإصفهاني
أمّا شيخنا الاستاذ فاعتبر الوحدة العرفية، وهذه عبارته:
«غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الموالاة بين الإيجاب والقبول هو: إنّ الإيجاب والقبول حيث أنهما قائمان بأثر، فلهما بنظر العرف جهة وحدة، فكأن الواحد قائم بأثر واحد، فلابدّ من كونهما على نحو من الاتّصال العرفي، فكأنه كلام واحد بوحدة اتصاليّة يقوم بأثر واحد، وعليه، فلا فرق بين دليل الوفاء بالعقد ودليل حليّة العقد، فإنّ المدار ليس على ما يقتضيه عنوان العقد، بل على ما يقتضيه قيام ما هو كالواحد بأثر واحد»(1).
أقول:
كلّ مركب معنون بعنوان واحد ذي أثر واحد، فإنّ صدق عنوان المركب بمجيء الجزء الأخير منه وإلاّ لم يصدق عليه العنوان، نعم، يلزم استمرار وجود الأجزاء المتقدّمة حتى مجيء الأخير، وعليه، فلمّا كان للإيجاب والقبول في المعاملات طريقيّة إلى حصول الأمر المعنوي الذي هو عبارة عن العهد النفساني، فلابدّ من بقاء العهد من الموجب حتى يأتي القبول وهو العهد من المشتري، والأثر إنما يترتب بعد مجيئه لأنه الجزء الأخير للعلّة التامة، وإذا كان الأمر كذلك، لم يضرّ الفصل بين الإيجاب والقبول، سواء كان قصيراً أو طويلاً، فالقول بـ«كأنه كلام واحد…» صرف تشبيه ولا أثر له، بعد وضوح واقع الحال في المطلب، وقد تقدّم أن «اللام» في العقود ليس للعهد، وأنّ الإطلاق في آية الحلّ تام[1].
[1] وحاصل إفاداته طاب ثراه: اعتبار صدق «العقد» عرفاً، ليشمله العمومات والإطلاقات بعد دفع الاشكال عنها، وقد اشتملت كلماته على الجواب عمّا استدلّ به للقول باشتراط الموالاة، وهي وجوه:
الأوّل: اعتبار الهيئة الاتّصالية، وهو حاصل كلام الشهيد رحمه اللّه.
والثّاني: إن التوالي مقوّم لصدق العقد وبدونه لا يحصل، وهو ما أورده المحقق الإصفهاني.
والثالث: ما ذكره المحقق النائيني.
والرابع: ما ذكره المحقق الإيرواني.
والخامس: ما ذكره المحقق الإصفهاني.
وقد تضمّن كلامه قدّس سرّه في تعقيبه على كلام الشهيد رحمه اللّه نقضاً قويّاً على القول بالموالاة، وهو أنّ الفقهاء لا يعتبرون الموالاة في الوكالة ونحوها من العقود غير المعاوضيّة، فالوكالة ـ مع كونها عقداً ـ يجوز فيها تأخّر القبول عن الإيجاب عند المشهور، فلو كان هناك دليل تام على اعتبار الموالاة، أو كان العرف يعتبرها في صدق عنوان العقد، لما قالوا بذلك.

(1) حاشية المكاسب 1 / 284 ـ 285.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *