أدلة اعتبار التنجيز: الأوّل: لا يعقل التعليق في الإنشاء

أدلة اعتبار التنجيز
قال الشيخ:
وأمّا الكلام في وجه الإشتراط.
أقول:
واستدلّوا لاعتبار التنجيز بوجوه:
الأوّل: قولهم: لا يعقل التعليق في الإنشاء.
قلت: إن تحقّق التعليق في الإنشاء معلوم العدم، ومثل ذلك لا معنى للبحث عن بطلانه وعدم معقوليته[1].
[1] قال الشيخ:
ربّما يتوهّم أن الوجه في اعتبار التنجيز هو عدم قابليّة الإنشاء للتعليق، وبطلانه واضح، لأن المراد بالإنشاء إنْ كان هو مدلول الكلام فالتعليق غير متصوّر فيه، إلاّ أن الكلام ليس فيه، وإنْ كان الكلام في أنه… يصحّ انشاء الملكية المتحقّقة على تقدير دون آخر… فلا ريب في أنه أمر متصوّر واقع في العرف والشرع كثيراً… .
وقال السيد: «التحقيق إن نفس الإنشاء بما هو إنشاء غير قابل للتعليق، إذ هو نظير الإيجاد التكويني، فكما أنه لا يمكن الإيجاد التكويني معلّقاً فكذا الإيجاد الإنشائي، بل في الإخبار أيضاً لا يعقل التعليق في نفس الإخبار وإنما يجوز في المخبر به. وأمّا المنشأ، فيمكن أن يكون معلَّقاً كالمخبر به، بأنْ ينشئ الملكية على تقدير كذا…»(1).
وأجاب المحقق الإصفهاني عن هذا الوجه في حاشية مطولَّة بما حاصله: إن الإنشاء والإخبار من وجوه استعمال اللّفظ في المعنى، فحقيقة الإنشاء عبارة عن إيجاد المعنى بالوجود الجعلي للشيء ـ في مقابل الوجود الحقيقي له الذي هو عبارة عن الوجود الذهني والوجود الخارجي، غير القابلين للإنشاء ـ فهو لمّا ينشئ الملكيّة مثلاً يوجد التمليك بالوجود الجعلي، ثمّ العقلاء والشارع يرتّبان الأثر عليه، ولا يلزم أيّ محذور. ثم لو علّق التمليك على قدوم زيد غداً، فقد تحقّق المعنى بوجوده الجعلي غير أنّ التعليق أفاد تأخّر التمليك عن الإنشاء، فإذا تحقق الشرط تحققت الملكية.
ثم إنّه علّق على كلام الشيخ من عدم تخلّف الكلام الإنشائي عن مدلوله وأنه لا تعليق في مدلول الكلام، وأن إنشاء الملكيّة المتحقّقة على تقدير كإنشاء الملكية وهي المعلّقة على وجود الشرط فتوجد عنده وإلاّ فلا، فيدور أمر الملكية الحقيقيّة بين المتحقّقة على كلّ تقدير، بأنه: «إن اُريد ما ذكرنا ـ من التعليق بلحاظ الملكية الاعتباريّة، الوجود والعدم، لا أن المتحقّق سنخان معلَّق ومنجّز كما يدلّ عليه قوله رحمه اللّه فيما بعد من أنّ المعلّق هو الأثر الشرعي ـ فلا كلام، لموافقته لما مرّ من البرهان والوجدان.
وإنْ اُريد من عدم التخلّف أن المدلول ثابت، لكنّه على قسمين: ملكية متحقّقة على تقدير وملكية متحقّقة على كلّ تقدير، فالملكية المنشأة بالفعل سنخان معلّق ومنجّز، بأنْ يكون التقدير من خصوصيّات الملكية وشؤونها لا من مبادي وجودها… فمجال البحث معه رحمه اللّه واسع، لابتنائه على أن الملكية الحقيقية عين الملكية الإنشائية، فلها سنخان معلّقاً ومنجّزاً، وقد مرّ فساده»(2).

(1) حاشية المكاسب 1 / 441.
(2) حاشية المكاسب 1 / 286.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *