الأمر الثاني
إنّ الأحكام العقليّة على قسمين ، فالحكم العقلي بحسن الطاعة وقبح المعصية في مرتبة المعلول للحكم الشرعي ، لأنّه حكمٌ بالإنبعاث عن الحكم الشرعي المتقدّم عليه ، كما تقدّم . فهذا قسمٌ .
والقسم الآخر من الأحكام العقليّة : ما هو في مرتبة العلّة ـ وهو بقية الأحكام العقليّة عدا الحكم بحسن الطاعة وقبح المعصية ـ كحكمه بقبح التشريع وقبح التصرّف في مال الغير ونحوهما ، فإنّ حكم العقل بقبح التشريع وقبح التصرّف في مال الغير ، يكون ـ بضميمة قاعدة الملازمة ـ مثبتاً للحكم الشرعي ، فيكون في مرتبة العلّة للحكم الشرعي بحرمة التشريع وبحرمة التصرّف في مال الغير .
وبين القسمين فرق من جهة اخرى أيضاً هي : أن الحكم العقلي بوجوب الطاعة والانبعاث يدور مدار وصول الحكم الشرعي كما تقدّم ، بخلاف الأحكام العقلية الاخرى كحرمة التشريع ، فالتشريع حرامٌ ولو ظنّاً أو مع الشك ، فإنّ قبح التشريع إنما هو لكونه تصرّفاً في سلطان المولى بغير إذنه ، وهو مشترك بين موارد العلم والظن والشك … فالحرمة ثابتة ، أمّا في باب الإطاعة والمعصية ، فإنّه مع الشك لا حرمة ، بل المرجع قاعدة قبح العقاب بلا بيان .
Menu