اشكالات الميرزا على الفصول
إنّ تخصيص وجوب المقدّمة بخصوص الحصّة الموصلة يستلزم إمّا الدور في الوجود أو الوجوب، وإمّا الخلف أو التسلسل.
وتوضيح ذلك: إنّ المقسّم للشيء تارةً: يكون في رتبة وجود الشيء وأُخرى: في رتبة متأخرة عن وجوده، فالأوّل مثل تقسيم الأجناس إلى الأنواع، حيث أنّ الجنس يقسّم إليها بواسطة الفصل وهو في مرتبة الجنس، وكتقسيم النوع إلى الأصناف كالانسان إلى الزنجي والرومي… وما نحن فيه من القسم الثاني، حيث أنّ المقدّمة تنقسم إلى الموصلة وغير الموصلة، لكنّ عنوان « الموصلة » منتزع من شيء متقدّم وهو « وجود » ذي المقدّمة، إذ المقدّمة بذاتها لا تنقسم إلى ذلك، وإنّما تنقسم إلى القسمين المذكورين إذا وُجد ذو المقدّمة بعد وجودها، فوصف المقدّمة بالموصليّة يكون بعد وجودها ووجود ذي المقدّمة بعدها، وأمّا قبل وجود ذي المقدّمة فلا يوجد إلاّ ذات المقدّمة.
وعلى هذا، فلو كان متعلّق الأمر الغيري هو المقدّمة الموصوفة بالموصليّة لزم الدور، لأنّ وصفها بالموصليّة موقوف على وجود ذي المقدّمة، ووجوده موقوف على وجود المقدّمة.
وهذا هو الدّور في الوجود، وهو بيانه في الدّورة الأُولى(1).
وأمّا بيان الدور في الوجوب ـ وهو ما يستفاد من كلامه في الدورة الثانية(2) ـ فهو: إنّه قد تقدّم كون عنوان الموصليّة منتزعاً من وجود ذي المقدّمة، وعليه، فذو المقدّمة من قيود المقدّمة الموصلة ومن مقوّماتها، فيقع الدور في الوجوب، من جهة أنّ وجوب ذي المقدّمة علةُ لوجوب المقدّمة، إلاّ أنّه لولا وجوب المقدّمة لما وجب ذو المقدّمة، لكونه من قيودها كما تقدّم.
وأمّا الخلف أو التسلسل، فلأنّ الواجب لو كان خصوص المقدّمة الموصلة كانت ذات المقدّمة من مقدّمات تحقّق المقدّمة خارجاً، فإنْ كان الواجب هو الذات فقط بلا تقيّد بالايصال، لزم الخلف، وإن كان الذات المقيَّدة بالإيصال هو الواجب، كان نسبة « الذات » إلى « الإيصال » نسبة « المقدّمة » إلى « ذي المقدّمة »، وحينئذ، ينتقل إلى الذات وأنّها واجبة مطلقاً أو مقيَّدة بالإيصال. والأوّل خلف والثاني مستلزم للتسلسل.
(1) فوائد الأُصول (1 ـ 2) 290 ط جماعة المدرّسين.
(2) أجود التقريرات 1 / 345 ـ 346.