6 ـ ابن عبدالبرّ في الاستيعاب
وقال ابن عبدالبرّ القرطبي ـ المتوفّى سنة 463 ـ ما هذا لفظه:
«أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب. ولدت قبل وفاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، أُمّها فاطمة الزهراء بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
خطبها عمر بن الخطّاب إلى عليّ بن أبي طالب فقال له: إنّها صغيرة. فقال له عمر: زوّجنيها يا أبا الحسن، فإنّي أرصد من كرامتها ما لا يرصده أحد. فقال له علي: أنا أبعثها إليك فإن رضيتها فقد زوّجتكها.
فبعثها إليه ببرد وقال لها: قولي له: هذا البرد الذي قلت لك. فقالت ذلك لعمر. فقال: قولي له: قد رضيت رضي اللّه عنك.
ووضع يده على ساقها فكشفها.
فقالت: أتفعل هذا؟! لولا أنّك أميرالمؤمنين لكسرت أنفك، ثمّ خرجت حتّى جاءت أباها فأخبرته الخبر وقالت:
بعثتني إلى شيخ سوء!
فقال: يا بنيّة إنّه زوجك.
فجاء عمر إلى مجلس المهاجرين في الروضة ـ وكان يجلس فيها المهاجرون الأوّلون ـ فجلس إليهم فقال لهم: رفّئوني. فقالوا: بما ذا يا أميرالمؤمنين؟ قال: تزوّجت أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب، سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: كلّ نسب وسبب وصهر منقطع يوم القيامة إلاّ نسبي وصهري. فكان لي به عليه السلام النسب والسبب، فأردت أن أجمع إليه الصهر. فرفّئوه.
حدّثنا عبدالوارث، حدّثنا قاسم، حدّثنا الخشني، حدّثنا ابن أبي عمر، حدّثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن محمّد بن عليّ:
إنّ عمر بن الخطّاب خطب إلى عليّ ابنته أُمّ كلثوم فذكر له صغرها. فقيل له: إنّه ردّك! فعاوده. فقال له عليّ: أبعث بها إليك، فإن رضيت فهي امرأتك. فأرسل بها إليه، فكشف عن ساقها، فقالت: مه واللّه لو لا أنّك أميرالمؤمنين للطمت عينك.
وذكر ابن وهب، عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جدّه: أنّ عمر بن الخطّاب تزوّج أمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب على مهر أربعين ألفاً.
قال أبو عمر: ولدت أُمّ كلثوم بنت عليّ لعمر بن الخطّاب: زيد ابن عمر الأكبر ورقيّة بنت عمر.
وتوفّيت أُمّ كلثوم وابنها زيد في وقت واحد.
وقد كان زيد أُصيب في حرب كانت بين بني عديّ ليلا، كان قد خرج ليصلح بينهم، فضربه رجل منهم في الظلمة فشرجه وصرعه، فعاش أيّاماً ثم مات هو وأُمّه في وقت واحد.
وصلّى عليهما ابن عمر، قدّمه الحسن بن عليّ.
وكانت فيهما سُنّتان ـ فيما ذكروا ـ : لم يورث واحد منهما من صاحبه، لأنّه لم يعرف أوّلهما موتاً، وقدّم زيد قبل أُمّه بما يلي الإمام»(1).
(1) الاستيعاب 4 / 509 ـ 510.