السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ سماحة السيّد الميلاني كيف الجواب على هذه الشبهة؟ القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ليسا حُجّةً على الناس في هذا الزمان ولا يجب العمل بهما مُطلقًا وذلك لما يأتي: أمّا القرآن الكريم فلأنَّ العملَ به يستلزمُ وجود تفسيرٍ له، إذا لا يمكن العمل بالقرآن من دون شرح وبيان، قال تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)، فالقرآن يحتاج إلى تفسير، ولا يكون هذا التفسير حُجّةً على أحدٍ إلا إذا كان تفسيرًا كاملاً جامعًا واضحًا صَحيحًا قطعيَّ الدّلالة قطعيَّ الصّدور، وهذا التفسير بهذه الصفات غير موجود، فالنبيّ صَلّى اللهُ عَليْه وَآلهِ وسَلّم لم يُدوّن في حياتهِ تفسيرًا للقُرآن، والتفاسير الموجودة لدى المسلمين كلها من اجتهادات مؤلفيها. ونحن نعلم أنَّ العاقلَ لا يبحث عن شيءٍ غير موجود، فإنْ فعل فليس بعاقل. وقد جانَبَ علماءُ الدِّين الصَّواب حينما سَعَوا إلى معرفةِ أحكام الدِّين الصحيحة وهم يعلمون أنها غير موجودة في الواقع والوصول إليها مُتَعذّر والتكليفُ بها قبيح، فما نجح في ذلك السابقون وما أفلح التّالون، ولسان حالهم يقولون: {إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ}. أمّا السُّنَّة النبويّة الشريفة فالأمر فيها أوضح فلو أرادَ رسول الله صَلّى اللهُ عَليْه وَآلهِ وسَلّم أن تكون سُنّته واجبةً على الناس في كلِّ زمانٍ ومكانٍ لوجبَ عليه أن يُوثِّقها ويُدوّنها كاملةً واضِحةً بتفاصيلها ويصونها في كتابٍ كما فعل مع القرآن، لا أنْ يتركها عُرضةً للضّياع والخطأ والخلط والنّسيان والتحريف والزيادة مع علمهِ بوجودِ الكذّابين والمنافقين وأعداءِ الدّين، ولا شَكّ في أنّه صَلّى اللهُ عَليْه وَآلهِ وسَلّم تعمَّد عدم كتابة السُّنَّة؛ لأنَّ المسلمين اهتموا بكتابة القرآن وحفظه وتلاوته لاهتمام النبيّ به، فلو اهتمّ النبيُّ بِكتابٍ آخرَ غير القرآن لاهتمَّ به المسلمون، فإمّا أنْ نتّهمَ النبيَّ محمّدًا صَلّى اللهُ عَليْه وَآلهِ وسَلّم بالتقصير في تبليغ الدعوة، ويكون هو المسئول الأوّل عن ضَلالِ الأُمّة، وإمّا أن نقول أنّه صَلّى اللهُ عَليْه وَآلهِ وسَلّم ما أراد لِسُنَّتِهِ أن تكونَ واجبةً مُلزِمَةً للنّاس في كلّ زمانٍ ومكان فيشقوا بسبب ذلك كما هو حاصلٌ الآن؛ لذلك أهملَ النبيُّ كتابتها، وهكذا فعل الأئمة من آل البيت بعده، فلا يوجد من الأئمة الطاهرين من دوَّن السُّنَّة في كتابٍ أو سعى لحفظها من الضياع، فهل كان كلّ هؤلاء يجهلون أهميّة ذلك، أم تعمّدوا بأجمعهم إضلال الناس؟! ولا عُذر في ذلك، وعلى كلّ حال فالعقل يقضي بعدم وجوب العمل والحال هذه ولعدم تمامية الدليل. ثمَّ إنَّ الطريقَ الذي وصلتنا من خلاله السُّنّة النبويّة الشريفة لا يُفيد عِلمًا وإنّما ظنًّا؛ فالسُّنَّة لم تُدوّن إلا بعد أكثرِ من مائة سنة بعد وفاة النبيِّ صَلّى اللهُ عَليْه وَآلهِ وسَلّم، ولا يُمْكن الاطمئنان بما نقله الرواة بعد هذه المدة وفي تلك الظروف مع احتمال الكذب والخطأ والخلط والنسيان والاشتباه والزيادة والتحريف، بل قدْ ثبتَ حُدوثُ كلّ ذلك، كما لا يمكننا الأخذ بما أجمعوا عليه إذ رُبَّما كان فيما نَسُوهُ أو ضاع منهم أو أغفلوه نقضٌ لما أجمعوا عليه. ومحال على الله تعالى أن يأمرنا باتباع الظنّ وهو الذي ذمَّ أتباعه في كتابه في أكثرِ من آيةٍ، قال تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} (الأنعام /116). وهذا هو حال علماء المسلمين اليوم فَمَعَ اعترافهم بأنَّ فتاواهم ظنيّة إلا أنّهم أوجبوها على الناس. وقال تعالى: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ}(يونس/36). وقال: {وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ}(يونس/66). فتحصَّل من ذلك أنّه لا يجب علينا العمل بالقرآن ولا بالسنة لأنه مستلزم للعمل بالظن والظنّ ليس بحجة بل إن أكثر الأحكام هي موضع شكّ.

بسمه تعالى
السلام عليكم
أمّا القرآن الكريم، فكثير من آياته لا تحتاج إلى التفسير بل يفهمها كلّ عربي وكلّ ما يحتاج منها إلى التفسير والبيان، فمذكورٌ ذلك في السنّة. ولفهم السنّة وحجّيتها ضوابط وقواعد مذكورة في الكتب المعنيّة بهذه الامور. فالذي يطرح هذه الشبهة لابدّ وأنْ يطرحها عند عالمٍ من العلماء بالكتب والسنّة حتّى يوضّح له الأمر.
ثم إنّه قد تقرّر في علم اصول الفقه ـ سواء عند الشيعة والسنّة ـ حجيّة الظنّ والعمل به حيث لا طريق للقطع واليقين. وهذا أيضاً يحتاج إلى الشرح والبيان، فلابدّ من الرجوع إلى أهله. وفّقكم الله.
8964
تم طرحه بواسطة: mohammed ali mohamme