[السؤال]: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سماحة السيد علي الميلاني – حفظه الله – كيف تردّ على هذا الكلام الذي يطعن في زيارة عاشوراء: يلاحظ على زيارة عاشوراء أمور تسقطها عن الاعتبار وهي: أولاً: ركاكة السبك والأسلوب وهو أمر بعيد عن بلاغة أهل البيت عليهم السلام ، ومن أمثلة ذلك أنها بعد أن تذكر عظم الرزية وجلل المصيبة تشرع بالدعاء باللعن بعبارة «لعن الله أمة أسست….» وتختم الجملة بالبراءة ممن تناولهم اللعن، وما إن تبدأ جملة جديدة يخاطب فيها الإمام الحسين عليه السلام: «يا أبا عبد الله إني سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم وولي لمن والاكم وعدو لمن عاداكم إلى يوم القيامة» حتى تعود بحرف العطف ويكون مدخول العطف جملة تتضمن اللعن، والعارفون بأساليب البلاغة في التعبير يدركون بوضوح أن هذا النوع من الأسلوب بعيد عن بلاغة التعبير، إذ كان المفروض أن تكون جملة اللعن المعطوفة قد مزجت في الدعاء باللعن السابق بينما الذي حصل هو أن جملة الخطاب للإمام الحسين عليه السلام صارت في الوسط دون التسلسل المطلوب في الجمل. ومن أمثلة ذلك أيضاً ورد في آخر الزيارة «اللهم العن يزيد خامسا والعن عبيد الله ابن زياد وابن مرجانة..» مع أن عبيد الله ابن زياد هو نفسه ابن مرجانة وليس شخصاً آخر وكان المفروض لو أريد الإشارة إلى أمه التعبير بابن مرجانة كبدل لابن زياد لا بالإتيان بواو العطف. ثانياً: خلو الزيارة من المعاني التربوية في حين أنها أنشأت ليزار بها الإمام الحسين عليه السلام في ذكرى عاشوراء حيث نهضته العظيمة وتضحيته هو والصفوة من أهل بيته وأصحابه من أجل تصحيح الانحراف وإقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدفاع عن القيم فكان من الطبيعي أن تتضمن الزيارة فلسفة النهضة الحسينية لتوعية الزائرين بمقاصد هذه النهضة وأهدافها النبيلة. إن المعاني التربوية هي الأساس في المنهج التربوي الذي استخدمه أئمة أهل البيت عليهم السلام في كلماتهم وأدعيتهم بينما اقتصرت هذه الزيارة في طابعها العام على السلام واللعن وركزت على حالة الانفعال النفسي إزاء الحادثة. ثالثاً: تضمنت هذه الزيارة لعن بني أمية قاطبة وقد صرحت بعموم اللعن لبني أمية ويلاحظ عليه تناول اللعن لأناس ينتسبون لبني أمية لا يجوز لعنهم لصلاحهم أو لأنهم لا يستحقون مثل هذا اللعن لهم، فهذا خالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنه من أوائل الصحابة إسلاماً ومن أبرزهم جهاداً وصلاحاً وهو الذي تنقل روايات الشيعة نفسها وقوفه مع علي عليه السلام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مسألة الخلافة ضمن من وقفوا معه وانحازوا إليه مثل أبي ذر وعمار والمقداد وقد مات شهيداً في الجهاد في سبيل الله. وكذلك أخوة خالد بن سعيد أسلموا جميعاً وجعلهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمراء على بعض الإمارات مع أخيهم خالد ولما توفي صلى الله عليه وآله وسلم ترك خالد وأخوته إماراتهم ورجعوا إلى المدينة فقال لهم أبو بكر رضي الله عنه مالكم رجعتم عن أعمالكم وما من أحد أحق بالعمل من عمال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ارجعوا إلى أعمالكم فقالوا نحن بنو أحيحة (لقب أبيهم) لا نعمل لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبداً، ثم ذهبوا إلى الشام يجاهدون في سبيل الله حتى استشهدوا جميعاً هناك وقد قيل ما فتحت في الشام بلدة إلا وفيها رجل من بني سعيد ميتا. فعلى أي أساس شرعي يتناول اللعن مثل هؤلاء الأبرار. وعلى أي أساس شرعي ينال اللعن أم المؤمنين رملة بنت أبي سفيان أم حبيبة زوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي أسلمت في مكة مخالفة أباها حينما كان أبوها رأس الكفر والحرب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى المسلمين، وهاجرت مع زوجها إلى الحبشة وتنصر زوجها في الحبشة وأرادها أن تتنصر معه فأبت وبقيت على إسلامها ثم مات زوجها وظلت هي في الحبشة تتحمل المصاعب ثابتة على إسلامها حتى تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورجعت من الحبشة إلى المدينة. ولها موقف عظيم الشأن إذ قدم أبوها أبو سفيان مشركاً إلى المدينة أثر نقض المشركين لصلح الحديبية وحين همّ بالجلوس طوت عنه الفراش وقالت إنك مشرك نجس لا تجلس على فراش النبي، وبعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقرت في بيتها ولم تخرج منه كما لم تخرج من المدينة إلا للحج. فما أعظمها جرأة على رسول الله أن تلعن زوجه أم المؤمنين هذه عليهم السلام . وهذا أبو حذيفة ابن عتبة بن ربيعة أسلم في مكة قبل دخول المسلمين دار الأرقم وهاجر مع امرأته إلى الحبشة ثم قدم على الرسول في مكة وهاجر إلى المدينة وشهد الغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وكان يقاتل في بدر في صفوف المسلمين مقابل أبيه عتبة وأخيه الوليد وعمه شيبة حيث كانوا في طليعة صفوف المشركين، فوقف مقابلهم باسلاً حتى أنه طلب مبارزة أبيه وكان بعد وفاة رسول الله في مقدمة صفوف الجيش الإسلامي المتجه إلى اليمامة لقتال مسيلمة الكذاب فقاتل حتى استشهد فعلى أي أساس شرعي يتناول اللعن مثل هذا الصحابي الجليل. وهناك غير هؤلاء منتسبون لبني أمية لا يوجد وجه شرعي لتناول اللعن لهم. إن عبارة اللعن هذه أبعد ما تكون عن نهج أهل البيت وأدبهم وورعهم. رابعاً: تصرح الزيارة بلعن الخلفاء الراشدين الثلاثة وهو أمر لم يعرف أبدا عن أهل البيت عليهم السلام بل أشتهر عنهم عكس ذلك تماماً، فكانوا يحرصون على أن لا يصدر منهم ما ينافي احترام هؤلاء الصحابة، وهذا معروف من سيرتهم، وعرفه عنهم الناس جميعاً في عصرهم، ولذا كانت لأئمة أهل البيت المكانة العالية عند الجميع، ولو أن شيئاً غير ذلك عرف عنهم وتسرب إلى الناس لكان للناس منهم موقف آخر كما لا يخفى على من سبر تاريخ تلك الفترة.

بسمه تعالى
السلام عليكم
قد تكلّمنا بالتفصيل حول زيارة عاشوراء سابقاً، وكلّ ما ذكرتموه هنا حول ألفاظها وأساليبها قد تعرّض له علماء الطّائفة الشّارحون لهذه الزيارة وذكروا الجواب الشّافي عنه، ولكنّ السؤال الآن هو: إذا كانت لأئمة أهل البيت المكانة العالية… إلى آخر ما ذكرتم، فمن الذي قتلَهم واحداً بعد الآخر في المدينة والعراق وغيرهما؟ ومن الذي قتل ذراريهم في مختلف البلدان؟ ومن الذي شرَّد آل أبي طالب وبدّدهم في أرجاء العالم؟
8645
تم طرحه بواسطة: mohammed ali mohamme

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *