بعد التحية والسلام، سبحان الله ما أعجب قولك! عفا الله عنك كيف تقول أن الإمام الحسين (عَلَيْهِ السَّلامُ) لم يخرج لحرب ولم يختر الحرب؟! وهل رفضه بيعة يزيد إلا إيثارًا للحرب؟! وهل دعوة أهل الكوفة للحسين إلا للحرب؟! وهل استجابة الحسين لدعوتهم إلا للحرب؟! وهل بايع أربعون ألفًا من أهل الكوفة مسلم بن عقيل إلا على الحرب؟! إنَّ ما ذكرته ونسبته إلى التاريخ كلام عجيب لا يوجد في أيِّ كتاب من كتب التاريخ. وقد أجمع المؤرخون من أهل السنة وبعض الشيعة على أن الإمام الحسين (عَلَيْهِ السَّلامُ) كان ثائرا على الحكم الأمويّ الظالم وكان يطلب الحكم ليسير بسيرة جدّه وأبيه وأنه اختار الحرب والقتال على البيعة ليزيد (لعنه الله وأخزاه وجعل النار مثواه). وقد نسبتني إلى الجهل، وأنا أنسبك إلى العلم؛ لأنني لا أشك أنك تعلم ذلك ولكن ما الحيلة وقد أسفر الصبح لذي عينين وأصبح واضحًا جليًّا أنّ الإمام الحسين (عَلَيْهِ السَّلامُ) لم يُقتل مظلوما – كما تزعمون – لأنه قتيل حرب وقتلى الحروب لا قصاص لهم في الإسلام ولا ثأر شرعيّ لهم … ولذلك تغافلتَ عامدًا عن بيعة أهل الكوفة لمسلم بن عقيل للقتال مع الحسين ضد بني أميّة لا للضيافة والنزهة، وعن قول الحر للحسين في الطريق: (لئن قاتلتَ لَتُقْتَلَنّ). مما يدلّ على أنه كان خارجًا للحرب مستعدًا لها، وقول الحسين للوليد وقد طلب منه البيعة ليزيد: (… وَلَكِنْ نُصْبِحُ وَتُصْبِحُونَ وَنَنْظُرُ وَتَنْظُرُونَ أَيُّنَا أَحَقُّ بِالْبَيْعَةِ وَالْخِلَافَةِ). وقوله: (إنّي لم أَخرجْ أَشِراً ولا بَطِراً ، ولا مُفسِداً ولا ظَالِماً، وإنّما خَرجْتُ لِطَلَبِ الإصلاحِ في أُمّةِ جدّي وأبي، أريدُ أن آمرَ بالمعروفِ، وأنهى عن المُنكَرِ، وأَسيرَ بسيرةِ جدّي وأبي علي بنِ أبي طالبٍ عليه السّلام) فإنَّ قوله: إنّي لم أَخرجْ، وإنّما خَرجْتُ فمعنى الخروج هنا هو الخروج من حالة السلم إلى حالة الحرب قال تعالى: فَإِن رَّجَعَكَ اللَّـهُ إِلَىٰ طَائِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا ۖ … ولا أدري لماذا لم تجبني عن سؤالي حول المختار الثقفي: حول قولك: (ولم يؤخذ بدمه إلى الآن). فما الذي فعله المختار الثقفيّ إذن؟ ألم يقم بتعقّب قتلة الحسين وقتلهم؟! فما الذي تريده بعد ذلك؟

بسمه تعالى
السلام عليكم
كنت في سفرٍ فرجعت ووجدت كتابك، ولقد كنت أظنّ أنك ستراجع وسيأتي كتابك بعد المراجعة الكاملة التي ستستغرق وقتاً بالطبع، ومن قرأ كتابك علم بأنك لم تراجع وأنك غير عالمٍ بالحقيقة وتتكلّم بتوهّم، ولكنّ من حسن الحظّ أنّ للذي تكتب إليه كتاباً مؤلّفاً في هذا الموضوع عنوانه «من هم قتلة الحسين» مطبوع في 460 صفحة، فأرجو أن تقرأه، وسيزيل كلّ شبهةٍ عندك.
وأمّا ما جاء في كتابك من أن (رفض البيعة) هو «الحرب». فالجواب: إن رفض البيعة ليس ايثاراً للحرب لا لغةً ولا عرفاً ولا شرعاً. ويشهد بذلك أن أميرالمؤمنين ومن تبعه رفضوا بيعة أبي بكر. وكذلك سعد بن عبادة ومن تبعه، ولم يكن ذلك حرباً بمعنى حمل السّلاح والمعارضة به.
وأمّا قولك بأنّ الخروج بمعنى الحرب، فهذا اشتباه، فإن خروج الحسين من المدينة كان كخروج جدّه من مكة وقد قال تعالى: (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) بل جاء في التاريخ ككتاب الارشاد للمفيد أنّ الحسين خرج من المدينة متوجّهاً إلى مكّة وهو يقرأ (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
وأمّا قولك: أجمع المؤرّخون… فليتك ذكرت اثنين منهم ينصّون على ما تدّعي، بل جاء في الطبقات وتاريخ الطبري وابن كثير وغيرهم أنّه لمّا هدّد بالقتل في مكة فعزم على الخروج قال: والله لأنْ اُقتل بمكان كذا وكذا أحبّ إليّ من أن تستحلّ بي. يعني مكة. (قال): وأيم الله، لو كنت في جحر هامّة من هذه الهوام لاستخرجوني حتى يقضوا فيّ حاجتهم. والله ليعتدنّ عليّ كما اعتدت اليهود في السبت.
وروى ابن سعد والطبري وابن عساكر وابن كثير وغيرهم أنّه لمّا سئل عن سبب خروجه إلى العراق قال: لابدّ لي إذاً من مصرعي. وقال لآخر لمّا سئله عن سبب العجلة: لو لم أعجل لاُخذت.
هؤلاء هم المؤرخون يروون عنه هذه العبارات الدالّة على عدم قصده الحرب وعلمه بأنّه سيقتل وأن بني اُميّة عازمون على قتله أينما وجدوه، وأنه قتل مظلوماً.
والشواهد على ذلك كثيرة. فلا تنسب إلى المؤرّخين وتدّعي إجماعهم، فإنك مسئول عند الله وليس لك الجواب الموجب للنجاة.
وهل تعلم كيف قتل؟ كيف قتل أصحابه؟ كيف قتل ولده الرضيع؟ كيف قتل أخوه؟ وماذا فُعل بجسده بعد قتله؟
وسئل عن السبب في أخذ النساء معه. فقال: شاء الله أن يراهنّ سبايا.
ومن العجب قولك: ولا أدري لماذا لم تجبني عن سؤالي حول المختار.
نعم، لا تدري، وكأنّك نسيت القرآن. إنّ الآية تنصّ على أن القصاص للوليّ، والمختار وليّ الحسين في رأيك؟ فالسبب في عدم الجواب هو الظّن بعلمك بالقرآن والشريعة وفقه القصاص. ولكنْ…
وبعد، اُعيد عليك الكلام السّابق، وأرجو أنْ تُطالع وتفكّر، وخاصّةً كتابي الذي نشرته في الموضوع منذ سنين، ولا تتكلّم بتشنّج. فإنْ راجعت وقرأت ثم سألت فنحن مستعدّون للبحث. والله الموفّق.
غفر الله لي ولك والسلام.
8297
تم طرحه بواسطة: mohammed ali mohamme

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *