تنبيه

تنبيه
ليس الغرض من إقامة الدلائل على بطلان هذه الدعوى، أنها لو صحّت لأوجب ذلك إمامة أبي بكر وخلافته بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وذلك لأن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أمرفيما يرويه الجمهورجماعة من أصحابه يصلّون بالناس ـ وفيهم المشايخ ـ كأبي عبيدة ابن الجراح وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد وأسامة بن زيد، واستخلف على المدينة في غزواته من يصلّي بالناس، واستخلف في غزوة تبوك أميرالمؤمنين عليه السّلام، بل قد رووا أنه صلّى الله عليه وآله وسلّم صلّى خلف عبدالرحمن بن عوف . . . وما رأينا أن أحداً جعل لواحد منهم خلافة بهذا الأمر، فما الفارق بين صلاة أبي بكر وصلاتهم؟
ومن مخارق القوم: ما رووه عن الحسن البصري عن قيس بن سعد بن عبادة قال قال لي علي بن أبي طالب عليه السّلام: إن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مرض ليالي وأياماً ينادي بالصّلاة فيقول: مروا أبا بكر يصلّي بالناس. فلمّا قبض رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم نظرت فإذا الصّلاة علم الإسلام وقوام الدين، فرضينا لدنيانا من رضي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لديننا. فبايعنا أبا بكر»(1).
وهو باطل من وجوه، والحسن البصري حاله معلوم، وهذا مما يشهد بأنهم يجوّزون اختلاق كلّ ما يؤيد مذهبهم ويقوي دولتهم، ثم يأتي من بعدهم ابن عبدالبر وغيره فيتشبّث به ويستند إليه ليجعله دليلاً واضحاً على أن الخليفة من بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أبو بكر!!

(1) الإستيعاب 3 / 971.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *