تخريج الحديث السادس

الحديث السادس
قال الحافظ الكنجي:
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبداللّه، عن المبارك بن الحسن بن أحمد، أخبرنا أبو القاسم بن أحمد، حدّثنا حسين بن إسحاق التستري، حدّثنا محمد بن صباح الجرجاني، حدّثنا محمد بن كثير، حدّثنا حارث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن مخنف بن سليم، قال: أتينا أبا أيوب الأنصاري وهو يعلف خيلا له، قال: فقلنا عنده فقلتُ له: يا أبا أيوب قاتلت المشركين مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ثم جئتَ تقاتل المسلمين، قال: «إنَّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أمرني بقتال ثلاثة الناكثين والقاسطين والمارقين، فقد قاتلتُ الناكثين والقاسطين وأنا مقاتل إن شاء اللّه المارقين بالسعفات بالطرقات بالنهروانات وما أدري أين هو».
نقول:
حديث وصية النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) لعلي بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، عن أبي أيّوب الأنصاري، أخرجه الحاكم في مستدركه بإسنادين، حيث قال:
حدّثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، حدّثنا الحسن بن علي بن شبيب المعمري، حدّثنا محمد بن حميد، حدّثنا سلمة بن الفضل، حدثني أبو زيد الأحول، عن عقاب بن ثعلبة، حدثني أبو أيوب الأنصاري في خلافة عمر بن الخطاب، قال: أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عليَّ بن أبي طالب بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين».
(قال): حدّثنا أبو بكر بن بالويه، حدّثنا محمد بن يونس القرشي، حدّثنا عبدالعزيز بن الخطاب، حدّثنا علي بن غراب بن أبي فاطمة، عن الأصبغ بن نباته، عن أبي أيوب الأنصاري رضي اللّه عنه قال سمعت النبي صلّى اللّه عليه وآله يقول لعليّ بن أبي طالب: تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بالطرقات والنهروانات وبالسعفات، قال أبو أيوب: قلت: يا رسول اللّه مع مَنْ نقاتل هؤلاء الأقوام؟
قال: مع علي بن أبي طالب»(1).
لكنّ الحديث من أصحّ الأحاديث المشهورة ـ وإنْ حاول مثل ابن تيميّة تكذيبه(2) ـ فقد رواه أئمة الحديث بأسانيدهم عن عدّة من الصّحابة، كعليّ أمير المؤمنين، وعبداللّه بن مسعود وأبي سعيد الخدري، وعمّار بن ياسر…
ومن الأئمة والحفاظ الذين رووه عن هؤلاء الأصحاب وغيرهم:
محمد بن جرير الطبري، أبو بكر البزار، أبو يعلى الموصلي، ابن مردويه، أبو القاسم الطبراني، الحاكم النيسابوري، الخطيب البغدادي، إبن عساكر الدمشقي، إبن الأثير الجزري، جلال الدين السيوطي، ابن كثير الشافعي، المحب الطبري، أبو بكر الهيثمي، المتقي الهندي.
ونحن نذكر هنا بعض الأسانيد المعتبرة لهذا الحديث:
أخرج الحافظ أبو بكر الهيثمي في (باب ما كان بينهم يوم صفين): «عن علي قال: عهد إليَّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في قتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
وفي رواية: أُمِرْتُ بقتال الناكثين. فذكره.
رواه البزّار والطبراني في الأوسط. وأحد إسنادي البزّار رجاله رجال الصحيح غير الرّبيع بن سعيد ووثّقه ابن حبان»(3).
قال: «وعن أبي سعيد عقيصا قال: سمعت عمّاراً ـ ونحن نريد صفّين ـ يقول: أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
رواه الطبراني. وأبو سعيد متروك»(4).
قلت: ليس متروكاً، فقد أخرج الحاكم والذهبي بإسنادهما حديث: «علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض» فقالا: «هذا حديث صحيح الإسناد، وأبو سعيد التيمي هو عقيصاء ثقة مأمون»(5).
قال: «وعن قيس بن أبي حازم قال قال علي: إنفروا إلى بقيّة الأحزاب، إنفروا بنا إلى ما قال اللّه ورسوله، إنا نقول: صدق اللّه ورسوله، ويقولون: كذب اللّه ورسوله.
رواه البزّار بإسنادين، في أحدهما يونس بن أرقم، وهو ليّن. وفي الآخر السيّد بن عيسى قال: الأزدي: ليس بذاك. وبقيّة رجالهما ثقات»(6).
قلت: أمّا (يونس بن أرقم) فيكفي أنّا لم نجد له جرحاً، وإنّما ليّنه ابن خراش فقط، بل إنّ أبا حاتم الرازي ـ على تعنّته في الرجال كما وصفه الذهبي بترجمته في سير أعلام النبلاء ـ لم يقدح فيه، بل وثّقه ابن حبّان، نعم قال: «كان يتشيّع» ولعلّه السبب في تليين ابن خراش، لكنْ قد نصّ ابن حجر على عدم الإلتفات إليه(7).
فظهر صحّة السند الأول
وأمّا (السيد بن عيسى) فلم يتكلّم فيه إلاّ «الأزدي» وقد نصّ الذهبي على أنّه لا يلتفت إلى قول الأزدي(8) وقال ابن حجر: «لا يعتبر تجريحه لضعفه هو»(9). ثم إنّ ابن حجر ينصّ على أن ابن حبان ذكر «السيد بن عيسى» في الثقات(10).

(1) المستدرك 3 / 139 ـ 140.
(2) منهاج السنة 6 / 112.
(3) مجمع الزوائد ـ كتاب الفتن، باب فيما كان بينهم يوم صفين رضي اللّه عنهم ـ 7 / 238.
(4) مجمع الزوائد ـ كتاب الفتن، باب كان بينهم يوم صفين رضي اللّه عنهم ـ 7 / 238.
(5) المستدرك وتلخيصه 3 / 124.
(6) مجمع الزوائد 7 / 239.
(7) مقدمة فتح الباري: 431.
(8) ميزان الاعتدال 1 / 61.
(9) مقدمة فتح الباري: 430.
(10) لسان الميزان: 3 / 131، رقم 4068.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *