في ضابط التهمة

في ضابط التهمة
وإذا أمكن إعطاء قاعدة كليّة يرجع إليها في معرفة المصداق وتمييزه عن غيره فهو، وإلا ففي كلّ فرد قام الدليل على مصداقيته من نص أو إجماع فهو، وفي غيره يكون المرجع ما دلّ على قبول شهادة العدل من الكتاب والسنّة.
وقد بحث المحقق قدّس سرّه عن المصاديق في خمس مسائل، والعلاّمة في (القواعد) في ست(1)، وكأنهما يريدان حصر المصاديق فيمن ذكراه في تلك المسائل.
وتصدّى صاحب (الرياض) قدّس سرّه لإعطاء الضابط في هذا المقام بقوله:
«التحقيق في المسألة يقتضي الرجوع إلى إطلاق الأخبار المتقدمة، نظراً إلى أنها بالإضافة إلى مادل على قبول شهادة العدل عموماً وإطلاقاً، إما خاصة فيقيد بها، أو عامة فيصير التعارض بينهما تعارض العموم والخصوص من وجه، وحيث لا مرجّح لأحدهما على الآخر، من إجماع أو غيره، ينبغي الرجوع إلى حكم الاصول، وهو هنا عدم القبول مطلقاً.
إلا أن يتردد في التهمة في بعض الأفراد، أنها هل هي تهمة أو داخلة في إطلاق التهمة في النصوص المانعة عن قبول الشهادة معها، كما سيأتي من شهادة الوصي والوكيل، فيما لهما الولاية فيه، مع عدم نفع لهما إلا خصوص التصرف فيه، فإن قبول الشهادة في مثله أوفق بالأصل، من حيث العموم الدالّ عليه على الإطلاق، مع سلامته عن معارضة عموم هذه الأخبار، لما عرفت من التأمل، إما في أصل حصول التهمة، أو دخولها في إطلاق التهمه المذكورة فيها…»(2).
وحاصل ما ذكره عدم قبول الشهادة، إلا مع الشك في تحقق أصل موضوع التهمة، أو في اندراج التهمة في الإطلاق المذكور في الأخبار.
ولكن التحقيق أن يقال: بمنع كلّ شهادة يرجع الشاهد بها إلى كونه مدعياً أو منكراً، وإن كان رجوعه إلى ذلك من آثار تلك الشهادة ولوازمها، كما هو الحال في بعض المسائل الآتية كما سنوضحه، ثم وجدنا التصريح بذلك في (مفتاح الكرامة) مع التنبيه على ما ذكرناه، قال: «فكانت الضابطة في التهمة ما كان الشاهد فيها مدّعياً ولو في الأخرة، ومنكراً كذلك، ولا ريب في أن المدعي لا يقبل قوله… وكل ما ذكروه فهو من هذا القبيل. لأن المتهم حيث يجلب نفعاً يصير كالمدّعي، وحيث يدفع ضرراً يصير كالمنكر…».
فيكون البحث في الحقيقة حول الموارد التي يصير فيها الشاهد مدّعياً أو منكراً ولو بالأخرة، فكلّ مورد صار فيه الشاهد كذلك ردّت شهادته، وكلّ مورد لم يكن فيه كذلك قبلت، اللهم إلا إذا ورد نص شرعي يقتضي القبول أو الرد.
ويتم هذا البحث في مسائل:

(1) قواعد الأحكام 3 : 496 ، شرائع الإسلام 4 : 129.
(2) رياض المسائل 15 : 282 283.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *