فروع: الأول: في ضمان الشاهدين إذا رجعا

فروع

الفرع الأوّل

(في ضمان الشاهدين إذا رجعا)

قال المحقق قدّس سرّه: «إذا رجعا معاً ضمنا بالسوية، وإن رجع أحدهما ضمن النصف. ولو ثبت بشاهد وامرأتين فرجعوا ضمن الرجل النصف وضمنت كلّ واحدة الربع. ولو كان عشر نسوة مع شاهد فرجع الرجل ضمن السدس، وفيه تردد»(1).
أقول: لقد دلّت صحيحة محمد بن مسلم(2) على أنه إذا رجع الشاهدان عن شهادتهما بعد الحكم بشهادتهما واستيفاء المشهود له المال، ضمنا ما أتلفاه بشهادتهما على المشهود عليه بالسوية، فنصف على هذا ونصف على ذاك، لتساويهما في السبب المقتضي لذلك. فإن رجع أحدهما دون الآخر ضمن الراجع النصف.
ولو ثبت المشهود به بشاهد وامرأتين فرجعوا جميعاً، ضمن الرجل النصف والمرأتان النصف الآخر، فعلى كلّ واحدة الربع، لأنهما بمنزلة رجل، كما هو مقتضى النصوص والفتاوى في المواضع المختلفة، بل هو صريح ما عن التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: «عند الله تعالى شهادة امرأتين شهادة رجل»(3).
قال في (القواعد): ولو كان بشاهد ويمين ضمن الشاهد النصف(4)، فقال في (كشف اللثام): بناء على ثبوت الحق بهما معاً(5). لكن ظاهر (الجواهر) موافقة العلامة، لقوله: لأن الظاهر ثبوت الحق بهما معاً، وكذا في (المستند )(6).
وفيه وجهان آخران:
أحدهما: أن يكون الضمان على الحالف لو رجع دون الشاهد، سواء رجع أو لا، لأن المشهود به يثبت باليمين فحسب.
والثاني: أن يكون الضمان على الشاهد لو رجع دون الحالف، لأن المثبت هو الشاهد واليمين شرط قبول الشهادة.
لكن يمكن أن يقال بالتنصيف مطلقاً، لأن حكم الحاكم مستند إلى كليهما، فكلّ منهما جزء للسب، والسبب أقوى من المباشرة.
ولو أكذب الحالف نفسه اختص بالضمان، سواء رجع الشاهد أو لا، وكذا كلّ مقام يرجع فيه المدّعي يختص بضمان ما استوفاه، ولا غرم على الشاهد.
قال المحقق: «ولو كان عشر نسوة مع شاهد، فرجع الرجل ضمن السدس. وفيه تردد»(7).
أقول: وجه تردد المحقق هنا حيث يشهد الرجل الواحد مع عشرة نسوة في حق لا يثبت بالنساء منفردات هو: أن عدد النسوة أكثر من القدر اللاّزم شرعاً ، فإن كان الحكم ثابتاً بالجميع، فإن كلّ امرأتين تعادلان رجلاً، ويكون الأقساط ستة أسداس، فإذا رجع الرجل كان عليه السدس، وإن كان الرجل نصف البينة، لأن المفروض توقف ثبوت الحق على شهادته معهن، كان عليه نصف الضمان وعليهن النصف الآخر. فهذا الفرض من صغريات هذا الفرع ، من جهة كون الرجل فيه أحد طرفي البيّنة كما في الرجلين والرجل والامرأتين، فهل يكون الضمان بالسوية كذلك أو لا؟
ويمكن أن يكون من صغريات الفرع الآتي المبحوث فيه عن ضمان العدد الزائد لو رجع عن الشهادة وعدم ضمانه.
لكن مقتضى ما سنذكره في الفرع الآتي هو ثبوت الحكم بالجميع، فأما أصل الضمان بالرجوع فثابت، وأما مقداره فكلّ بقسطه، وعليه، فإذا رجع الرجل ضمن السدس لا النصف، وكان على كلّ واحدة من النسوة إذا رجعت نصف السدس لا نصف العشر.
وربما يحتمل بناء على ما هو الصحيح من ثبوت الحق بالجميع كما ستعرف أن يكون كلّ فرد سبباً مستقلاً للثبوت، فيكون على الرجل إذا رجع الواحد من الأحد عشر قسطاً.
ولكن هذا الإحتمال لم يذكره أحد، وتظهر ثمرته فيما لو اشترك رجل وامرأتان في قتل، فهل على كلّ منهما ثلث الدية أو على الرجل النصف وعلى كلّ واحدة الربع؟ وكذا فيما لو اشترك رجلان في قتل، فضرب أحدهما ضربتين والآخر ضربة واحدة، فهل تقسم الدية أثلاثاً أو نصفين؟

(1) شرائع الإسلام 4 : 144.
(2) وسائل الشيعة 27 : 327/1 . كتاب الشهادات ، الباب 11.
(3) وسائل الشيعة 27 : 335/1 . كتاب الشهادات ، الباب 16.
(4) قواعد الأحكام 3 : 513.
(5) كشف اللثام 10 : 389.
(6) مستند الشيعة 18 : 434 ، جواهر الكلام 41 : 238.
(7) شرائع الإسلام 4 : 144.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *