شهادة الامرأتين مع اليمين

شهادة الامرأتين مع اليمين
وتعرّض صاحب (الجواهر) هنا لهذه المسألة لأجل أن يستدلّ بفحوى نصوصها لقبول شهادة الرجل والامرأتين في مطلق الحقوق، فقال: «وبما ورد من إثبات الحق بالامرأتين مع اليمين، بل الظاهر ثبوت ذلك كله بهما مع اليمين، وفاقاً للمشهور شهرة عظيمة، بل عن الشيخ في الخلاف الإجماع عليه»(1).
أقول: مستند هذا الحكم:
1 ـ ما رواه منصور بن حازم: «أن أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قال : إذا شهد لطالب الحق امرأتان ويمينه فهو جائز»(2).
2 ـ ما رواه الحلبي: «عن أبي عبد الله عليه السلام: إن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أجاز شهادة النساء مع يمين الطالب في الدين يحلف بالله أن حقه لحق»(3).
دلّ بعضها على القبول في خصوص «الدين» وبعضها على القبول في «الحق»، ومقتضى القاعدة هو القبول في مطلق الحقوق المالية.
ووجه الاستدلال بهذه النصوص لثبوت الحق بشهادة الرجل والامرأتين: هو أن الشارع أقام كلاًّ من «المرأتين» و «اليمين» مقام «الرجل» فقبل شهادة «الرجل مع الامرأتين» و «شهادة الرجل مع اليمين» وحينئذ، يقوم المجموع من «المرأتين واليمين» مقام «الرجلين».
لكن ثبوت الحق بشهادة الامرأتين مع اليمين محلّ خلاف، فقد قال المحقق في (النافع): «ولو انفردن كامرأتين مع اليمين، فالأشبه عدم القبول» وهذا صريح المحكي عن (السرائر)(4) و (التنقيح)(5) وقضاء (التحرير)(6) وإن رجع عنه في الشهادات(7) وظاهر سلار(8) و (الغنية)(9)… كما في (الجواهر)… قال: والحلي منهم معذور على أصله… أي عدم اعتبار خبر الواحد… ولذا قال: «جعلهما بمنزلة رجل يحتاج إلى دليل وليس، وحملهما على الرجل قياس، والإجماع غير منعقد، والأخبار غير متواترة، فإن وجدت فهي نوادر شواذ، والأصل براءة الذمة، فمن أثبت بشهادتهما حكماً شرعياً فإنه يحتاج إلى أدلة قاهرة، إما اجماع أو تواتر أخبار أو قرآن. وجميع ذلك خال منه»(10).
لكن استغرب صاحب (الجواهر) من ابن ادريس وتبعه المقداد من دعوى ندرة النصوص وشذوذها، وحاول رحمه الله إثبات ندرة الرادّين لها، قال: لم نر لها رادّاً قبل ابن ادريس ولا من تأخر عنه إلا النادر، لاختلاف فتوى المصنف، والفاضل في التحرير قد رجع عن ذلك فيه فضلاً عن قطعه بالحكم في باقي كتبه. (قال): ومن هنا يمكن دعوى تحصيل الإجماع على ذلك… وتنقح من جميع ما ذكرنا اتحاد موضوع الثلاثة، أي الشاهد واليمين والشاهد والمرأتين، والمرأتين مع اليمين، وهو كلّ حق آدمي أو المالي منها خاصة، على البحث الذي قدمناه في الشاهد واليمين(11).
أقول: نعم، الظاهر ثبوت الحق المذكور بكلّ واحد من الثلاثة المذكورة كشهادة الرجلين… لكن الاستدلال بنصوص الامرأتين مع اليمين لقبول الرجل مع الامرأتين بالأولوية، يبتني على قبول المرأتين مع اليمين، وقد تعرف الإشكال في دعواه الاجماع على القبول من اعترافه بوجود الخلاف من (التنقيح) و (المراسم) و (الغنية).
وأما الإشكال على القبول بعدم ذكر المرأتين مع اليمين في مرسلة يونس، حيث ذكر فيه وجوه استخراج الحقوق، فمندفع بإرساله أوّلاً، وبتوقّفه على المفهوم ثانياً، وبأن الحصر لو سلّم إضافي ثالثاً…

(1) كتاب الخلاف : 6/254 ، المسألة 7 ، جواهر الكلام 41 : 167 168.
(2) وسائل الشيعة 27 : 271/1 . أبواب كيفية الحكم ، الباب 15.
(3) وسائل الشيعة 27 : 271/3 . أبواب كيفية الحكم ، الباب 15.
(4) السرائر 2 : 116.
(5) التنقيح الرائع 4 : 308.
(6) تحرير الأحكام 5 : 179.
(7) تحرير الأحكام 5 : 268.
(8) المراسم : 234.
(9) غنية النزوع : 438 439.
(10) كشف اللثام 10 : 335 . بتفاوت يسير ، السرائر 2 : 116 ، جواهر الكلام 41 : 168.
(11) جواهر الكلام 41 : 169.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *