لو تعارض اليد و السماع المستفيض فأيهما المرجح؟

لو تعارض اليد و السماع المستفيض فأيهما المرجح؟
قال المحقق: «أما لو كان لواحد يد وللآخر سماع مستفيض، فالوجه ترجيح اليد، لأن السماع قد يحتمل إضافة الاختصاص المطلق المحتمل للملك وغيره، ولا تزال اليد بالمحتمل»(1).
أقول: هل المراد من «اليد» في هذه العبارة يد المدّعي المجرّدة، أو البيّنة المستندة إلى اليد؟
قد تقرّر أن للحاكم أن يحكم استناداً إلى الإستفاضة، وبدليل حجيتها يقيد إطلاق «إنما أقضى بينكم بالبيّنات والأيمان»، فلو كان المحكوم عليه ذايد، تقدّم قول المدّعي الذي حكم له الحاكم استناداً إلى الإستفاضة، إذ اليد لا تقاوم حجة من الحجج، بل لو لم يكن للمدعي شيء أصلاً أقسم الحاكم صاحب اليد، فإن نكل حكم عليه وانتزعت العين من يده، وهذا يكشف عن أنه لا أثر لليد في مقابل الإستفاضة وغيرها من الحجج، ومنه يظهر أن مراد المحقق من «اليد» ليس اليد المجرّدة، بل المراد تعارض البينة المستندة إلى اليد مع البينة المستندة إلى الإستفاضة، وقد تقرّر في كتاب القضاء تقدم الاولى على الثانية لأنها أقوى، من جهة اعتضادها باليد.
هذا كلّه، إن كان المراد بيان وظيفة الحاكم.
وإن كان المراد وظيفة الشاهد الذي يرى العين بيد واحد وقد شاع كونها لآخر، فلأيهما يشهد؟ هنا يمكن القول بأنه يشهد لصاحب اليد، لما ذكرنا من أن السيرة قائمة على الشهادة استناداً إلى الإستفاضة في حال عدم وجود ما يوهن الإستفاضة، فلو حصل سقطت الإستفاضة عن الحجية، فلا تعارض حتى يقال بترجيح اليد. ومن هنا أيضاً يظهر أن المراد من قوله «فالوجه ترجيح اليد» أن وظيفة الحاكم حينئذ ترجيح البينة المستندة إلى اليد على المستندة إلى الإستفاضة.
ثم إنه بناء على ما ذكره المحقق، من أن السماع قد يحتمل إضافة الإختصاص المطلق المحتمل للملك وغيره، نقول: إن الأمر يدور مدار الظهور، فإن كان للسماع ظهور في الملكية، فلا محذور في تقدم اليد على هذا الظهور، وإلا فلا أثر للبينة المستندة إليه كذلك.
وقد أشكل في (المسالك) على المحقق: بأن ما ذكره إنما يتم إذا كان محصل السماع أن هذه الدار مثلاً لفلان، فإن اللاّم تحتمل الملك والاختصاص الذي هو أعم منه، أما إذا كان محصله أن «الدار ملك فلان» فلم يتم، لأنه صريح في المقصود، بخلاف اليد. ولابدّ من فرض المسألة على الوجه الأول، ليتم التعليل ويناسب الحكم المتقدم من ترجيح الملك على اليد، وإن كان إطلاق البينة المستندة إلى الإستفاضة أعم من ذلك(2).
وقد وافقه صاحب (الجواهر) في هذا الإشكال، ثم أشكل على التفصيل المذكور(3).
وعلى الجملة، إنه إن استند إلى الإشاعة على الملك وشهد على الملك، تقدّم السماع على اليد، وإن كان المشاع هو الاختصاص فشهد بالملك استناداً إلى تلك الإشاعة أخذاً بظهور الاختصاص في الملك فاليد مرجحة على السماع .

(1) شرائع الإسلام 4 : 134.
(2) مسالك الأفهام 14 : 234.
(3) جواهر الكلام 41 : 139.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *