الثانیة: في عدم قبول شهادة القاذف

المسأله الثانية

(في عدم قبول شهادة القاذف)

قال المحقق قدّس سرّه: «لا تقبل شهادة القاذف، ولو تاب قبلت».
أقول: الأصل في هذه المسألة هو قول الله سبحانه: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الُْمحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)(1). وتدلّ على ذلك الأخبار المستفيضة، وقد قام الإجماع بقسميه عليه.
وإنما لا تقبل شهادته مع عدم اللّعان أو البيّنة أو إقرار المقذوف، وأما مع أحد الامور المذكورة، أو إذا تاب، قبلت، سواء أُقيم الحدّ عليه أو لا، ولو أُقيم ولم يتب لم تقبل.
وقد اتفق المفسرون على عدم رجوع الإستثناء إلى الجملة الاولى أعني قوله: (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً) وهم بين من أرجعه إلى الجملتين الباقيتين، وبين من أرجعه إلى الثالثة وهي: (أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)(2).
وأما الحدّ، فإن كان في حقوق الله فلا يسقط، إلا إذا تاب قبل أن يؤخذ إلى الحاكم كما في الأخبار(3)، وإن كان في حقوق الناس يسقط بعفو صاحبه، وإلا فلا يسقط، سواء تاب أو لا، وما نحن فيه من هذا القبيل، فهو يسقط بعفو المقذوف، كما يرتفع الفسق وتقبل شهادته بالتوبة.

(1) سورة النور 24 : 5 4.
(2) التبيان في تفسير القرآن 7 : 409 ، جامع البيان للطبري 18 : 60 61 ، معاني القرآن للنحاس 4 : 501 ، تفسير القرطبي 12 : 179 180 ، الكشاف 4 : 269 ، تفسير ابن كثير 3 : 275 ، الميزان 15 : 81 82.
(3) في الوسائل : « باب إن من تاب قبل أن يؤخذ سقط عن الحد » ج28 / 36 ومن ذلك صحيح ابن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام : « السارق إذا جاء من قبل نفسه تائباً إلى الله عزّوجّل ترد سرقته إلى صاحبها ولا قطع عليه ».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *