ذكر نصوص المسألة

ذكر نصوص المسألة
أقول: ينبغي أن نورد أوّلاً النصوص الواردة في المسألة، ثم نتعرّض لجهات البحث فيها:
في الوسائل باب: ] قبول شهادة المسلم على الكافر وعدم جواز قبول شهادة الكافر عليه ولو ذميّاً عدا ما استثني [:
1 ـ أبو عبيدة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «تجوز شهادة المسلمين على جميع أهل الملل، ولا تجوز شهادة أهل الذمّة ] الملل [ على المسلمين»(1).
2 ـ سماعة قال: «سألت أبا عبد الله عليه السلام عن شهادة أهل الملّة، قال: فقال: لا تجوز إلاّ على ملّتهم…»(2).
وفي باب: ] أن الكافر إذا أشهد على شهادة ثم أسلم فشهد بها قبلت [روايات نذكر بعضها. ولا يخفى أنه لا إطلاق لهذا العنوان، لأنه في مقام بيان أنه لاتلحظ الحالة السابقة مع تحقق الإسلام حين أداء الشهادة، فلا وجه للاستدلال بأخبار هذا الباب على قبول شهادة المسلم مطلقاً. ومن أخبار هذا الباب:
1 ـ صفوان بن يحيى: «إنه سأل أبا الحسن عليه السلام عن رجل أشهد أجيره على شهادة ثم فارقه، أتجوز شهادته بعد أن يفارقه؟ قال: نعم، قلت: فيهودي أُشهد على شهادة ثم أسلم أتجوز شهادته؟ قال: نعم»(3).
2 ـ محمد بن حمران عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «سألته عن نصراني أُشهد على شهادة ثم أسلم بعد، أتجوز شهادته؟ قال: نعم، هو على موضع شهادته»(4).
3 ـ محمد بن مسلم عن أحدهما: قال: «سألته عن الصبيّ والعبد والنصراني يشهدون شهادة فيسلم النصراني، أتجوز شهادته؟ قال: نعم»(5).
4 ـ السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام «قال قال أمير المؤمنين عليه السلام: اليهودي والنصراني إذا أشهدوا ثم أسلموا جازت شهادتهم»(6).
5 ـ إسماعيل بن أبي زياد عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام: «إن شهادة الصبيان إذا شهدوا وهم صغار جازت إذا كبروا ما لم ينسوها، وكذلك اليهود والنصارى إذا أسلموا جازت شهادتهم»(7).
وفي باب ] قبول شهادة اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم على الوصية في الضرورة [:
1 ـ الحلبي قال: «سألت أبا عبد الله عليه السلام هل تجوز شهادة أهل الذمة على غير أهل ملّتهم؟ قال: نعم إن لم يوجد من أهل ملّتهم جازت شهادة غيرهم، إنه لا يصلح ذهاب حق أحد»(8).
وهذا الخبر مخصص لما تقدم، وهو مطلق غير مقيّد بالوصيّة.
2 ـ أحمد بن عمر قال: «سألته عن قول الله عزوجل: (ذَوَا عَدْل مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ)(9) قال: اللذان منكم مسلمان، واللذان من غيركم من أهل الكتاب، فإن لم يجد من أهل الكتاب فمن المجوس، لأن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب، وذلك إذا مات الرجل بأرض غربة فلم يجد مسلمين يشهدهما فرجلان من أهل الكتاب»(10).
ويفيد هذا الخبر وجود خصوصية في أهل الكتاب، فلا تقبل شهادة غيرهم من الكفار.
3 ـ هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام «في قول الله عز وجل: (أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) فقال: إذا ] إن [ كان الرجل في أرض غربة ولا يوجد فيها مسلم، جازت شهادة من ليس بمسلم في ] على [ الوصية»(11).
و إطلاق «من ليس بمسلم» يقيد بما دلّ على اشتراط كونه من أهل الكتاب، وقوله «في الوصية» يقيد إطلاق ما دلّ على القبول مطلقاً.
4 ـ سماعة: «سألت أبا عبد الله عليه السلام عن شهادة أهل الملّة. قال: فقال لا تجوز إلا على أهل ملّتهم، فإن لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم على الوصيّة، لأنه لا يصلح ذهاب حق أحد»(12).
وهذا أيضاً مقيّد بالوصيّة. اللهم إلا أن يؤخذ بعموم التعليل في «لأنه لا يصلح ذهاب حق أحد» فلا يختص القبول بها.
وفي باب ] ثبوت الوصية بشهادة مسلمين عدلين وبشهادة ذميين مع الضرورة وعدم وجود المسلم [:
1 ـ ضريس الكناسي: «سألت أبا جعفر عليه السلام عن شهادة أهل الملل، هل تجوز على رجل مسلم من غير أهل ملّتهم؟ فقال: لا، إلاّ أن لا يوجد في تلك الحال غيرهم، وإن لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم في الوصية، لأنه لا يصلح ذهاب حق امرء مسلم ولا تبطل وصيّته»(13).
2 ـ أبو الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «سألته عن قول الله عزّوجلّ: (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْل مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ)(14) قلت: ما آخران من غيركم؟ قال: هما كافران. قلت: ذوا عدل منكم. قال: مسلمان»(15).
3 ـ الحلبي ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «سألته هل تجوز شهادة أهل ملّة من غير أهل ملّتهم؟ قال: نعم إذا لم يوجد من أهل ملتهم جازت شهادة غيرهم، إنه لا يصلح ذهاب حق أحد»(16).
4 ـ حمزة بن حمران عن أبي عبد الله عليه السلام: قال: «سألته عن قول الله عزّوجلّ: (ذَوَا عَدْل مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) قال فقال: اللذان منكم مسلمان واللذان من غيركم من أهل الكتاب، فقال: إذا مات الرجل المسلم بأرض غربة، فطلب رجلين مسلمين يشهدهما على وصيته، فلم يجد مسلمين، فليشهد على وصيته رجلين ذميين من أهل الكتاب مرضيين عند أصحابهما»(17).
5 ـ يحيى بن محمد قال: «سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزّوجلّ (أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ…)(18) قال: اللذان منكم مسلمان واللذان من غيركم من أهل الكتاب، فإن لم تجدوا من أهل الكتاب فمن المجوس، لأن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سنّ فيهم سنّة أهل الكتاب في الجزية، وذلك إذا مات الرجل في أرض غربة فلم يوجد مسلمان…»(19).
وفي خبر سعد بن عبد الله في (بصائر الدرجات) عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام في كتاب إليه قال: «وأما ما ذكرت أنهم يستحلّون الشهادات بعضهم لبعض على غيرهم، فإن ذلك لا يجوز ولا يحلّ، وليس هو على ما تأوّلوا إلاّ لقول الله عزوجل (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ…)وذلك إذا كان مسافراً، فحضره الموت، أشهد اثنين ذوي عدل من أهل دينه، فإن لم يجد فآخران ممن يقرأ القرآن من غير أهل ولايته…»(20).
هذه طائفة من أخبار المسألة ذكرناها بقدر الحاجة.
قال المحقق: «تقبل شهادة الذمي خاصة في الوصيّة إذا لم يوجد من عدول المسلمين من يشهد بها»(21).
أقول: قيّد المحقق قبول شهادة غير المؤمن بثلاثة قيود:
الأول: كونه ذمّياً، وقد احترز بقوله: «خاصة» عن غيره.
والثاني: في الوصيّة، وقد احترز به عن غيرها.
والثالث: إذا لم يوجد من عدول المسلمين من يشهد بها.
وفي الأخبار المذكورة ما يدلّ على كلّ واحد من هذه القيود، كما لا يخفى.
وتفصيل الكلام في هذه المسألة يكون بالبحث في جهات:

(1) وسائل الشيعة 27 : 386/1 . كتاب الشهادات ، الباب 38.
(2) وسائل الشيعة 27 : 386/2 . كتاب الشهادات ، الباب 38.
(3) وسائل الشيعة 27 : 387/2 . كتاب الشهادات ، الباب 39.
(4) وسائل الشيعة 27 : 387/3 . كتاب الشهادات ، الباب 39.
(5) وسائل الشيعة 27 : 388/4 . كتاب الشهادات ، الباب 39.
(6) وسائل الشيعة 27 : 388/5 . كتاب الشهادات ، الباب 39.
(7) وسائل الشيعة 27 : 389/8 . كتاب الشهادات ، الباب 39.
(8) وسائل الشيعة 27 : 389/1 . كتاب الشهادات ، الباب 40.
(9) سورة المائدة 5 : 106.
(10) وسائل الشيعة 27 : 390/2 . كتاب الشهادات ، الباب 40.
(11) وسائل الشيعة 27 : 390/3 . كتاب الشهادات ، الباب 40.
(12) وسائل الشيعة 27 : 390/4 . كتاب الشهادات ، الباب 40.
(13) وسائل الشيعة 19 : 309/1 . كتاب الوصايا ، الباب 20.
(14) سورة المائدة 5 : 106.
(15) وسائل الشيعة 19 : 309/2 . كتاب الوصايا ، الباب 20.
(16) وسائل الشيعة 19 : 310/3 . كتاب الوصايا ، الباب 20.
(17) وسائل الشيعة 19 : 312/7 . كتاب الوصايا ، الباب 20.
(18) سورة المائدة 5 : 106.
(19) وسائل الشيعة 19 : 311/6 . كتاب الوصايا ، الباب 20.
(20) وسائل الشيعة 19 : 313/8 . كتاب الوصايا ، الباب 20.
(21) شرائع الإسلام 4 : 126.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *