مقدمة

مقدمة:
لا ريب في عدم لحوق الولد بأبين فصاعداً عندنا وإن كانا قد واقعا في طهر واحد، للأخبار والإجماع، خلافاً للمحكي عن أبي حنيفة من الإلحاق بهما مع الاشتباه، بل عن بعضهم الإلحاق بثلاثة، بل عن المتأخرين منهم جواز الإلحاق بألف أب على قول أبي حنيفة، بل عنه أيضاً الإلحاق باُميّن إذا تنازعتا واشتبه الأمر، بل قد يأتي بناءاً على ما تقدّم ذكره عن متأخريهم جواز إلحاق الولد بألف اُم(1)! ولعلّ هؤلاء قالوا بذلك على أساس القياس عندهم، فقاسوا هذا المورد بمسألة شركة الأبوين في الأولاد، فإن الولد يتكوّن من ماء الرجل والمرأة معاً حيث قال تعالى: (يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ)(2)ولذا يرث الولد أبويه، فكما يكونان شريكين في الولد لتولّده منهما، كذلك يكون الولد ملحقاً بالأبين فصاعداً لتولّده منهما.
لكنه ـ مع ابتنائه على القياس الباطل ـ فاسد من جهة أنه إذا انعقدت النطفة من الرجل والمرأة فقد تمّ الأمر، وفي بعض الروايات دلالة على ذلك، فلو واقع هذا الرجل أو غيره تلك المرأة لم يكن للماء الجديد أي علاقة بما كان من الماء الأول، ولكلّ موضع غير موضع الآخر.
ثم إن الرجوع إلى القائف واضح الفساد كذلك، فإنه لا عبرة بالقيافة عندنا، ولا تكون ملاكاً للإلحاق، وإن تحققت المشابهة بين الولد وأحد الرجلين غالباً، فإن الشارع قد اسقط هذه الغلبة عن الإعتبار، على أنه قد لا يشبه الابن أباه الحقيقي في الأوصاف.
وبعد هذا كلّه نقول: إن عمدة الأدلّة في الإختلاف في الولد هو قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم «الولد للفراش وللعاهر الحجر»(3).
فقيل معناه: الولد لمالك الفراش.
وفى (المصباح المنير): «وقوله عليه الصلاة والسلام: الولد للفراش، أي للزوج، فإن كلّ واحد من الزوجين يسمّى فراشاً للآخر، كما سمي كلّ واحد منهما لباساً للآخر»(4).
وكيف كان، فإن الحديث لا يعمّ النكاح الفاسد.
وقال السيد في (العروة) بأن المراد هو الفراش الفعلي، سواء أمكن إلحاقه بالفراش السابق أو لا(5).
وعن (القواعد): إنه لو كان زوجاً في نكاح فاسد لم يظهر فساده للزوجين، ففي انقطاع إمكانه نظر، من تحقق الفراش ظاهراً وانتفائه حقيقة(6).

(1) المحلّى 10 : 150 ـ 151 . كتاب الخلاف 6 : 349 ـ 350 ، المسألة 23 . كشف اللثام 10 : 233 . المجموع ( شرح المهذّب ) 15 : 313 . المغنى لابن قدامة 7 : 237 . جواهر الكلام 40 : 515.
(2) سورة الطارق 86 : 7.
(3) وسائل الشيعة 21 : 173/2 . أبواب نكاح العبيد والإماء ، الباب 58.
(4) المصباح المنير 2 : 468.
(5) العروة الوثقى 3 : 198.
(6) قواعد الأحكام 3 : 482.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *