و فيه مسائل: 1- لو مات المسلم عن ابنين فتصادقا على إسلام

الكلام في:
دعوى المواريث
وفيه مسائل:
المسالة الأولى

(لو مات المسلم عن ابنين فتصادقا على إسلام
أحدهما قبل الموت واختلفا في الآخر)

قال المحقق قدّس سرّه: « لو مات المسلم عن ابنين، فتصادقا على تقدّم إسلام أحدهما على موت الأب، وادّعى الآخر مثله فأنكر أخوه، فالقول قول المتفق على إسلامه مع يمينه أنه لا يعلم أن أخاه أسلم قبل موت أبيه»(1).
أقول: لو مات المسلم عن ابنين مثلاً، فتصادق الابنان على إسلام أحدهما في حال حياة الأب، وادّعى الآخر نفس الدعوى لكي يشترك معه في الإرث، فأنكر أخوه ذلك، فالقول قول المتفق على إسلامه قبل موت الأب مع يمينه على عدم العلم بالنسبة إلى إسلام أخيه قبل موت الأب. كذا ذكره من تعرّض لهذه المسألة كما في (الجواهر).
وفي المسألة ثلاث صور:
1 ـ الجهل بتاريخ موت الأب وإسلام الابن المختلف فيه معاً.
2 ـ أن يكون تأريخ موت الأب معلوماً، وتاريخ إسلام الابن المختلف فيه مجهولاً.
3 ـ أن يكون تأريخ إسلام الابن المختلف فيه معلوماً، وتاريخ موت الأب مجهولاً.
أما الصورة الاولى: فلا ريب في إرث المتفق عليه دون الآخر، لأن إسلامه مسبوق بالكفر وتأريخه مجهول، فيستصحب عدمه حتى موت الأب، ويكون أثر هذا الإستصحاب شرعاً عدم استحقاق الولد الذي لم يثبت إسلامه عند موت الأب، والمفروض أن لا وارث غيره إلا المتفق عليه، فيستقل بالتركة بحسب أدلة الإرث.
ولا يعارضه استصحاب عدم الموت حتى زمان الإسلام، لأن هذا الإستصحاب ليس بحجة، لأنه مثبت.
وأما في الصورة الثانية فكذلك، فإنه يجرى الاستصحاب، ويترتب عليه الأثر الشرعي المذكور.
وأشكل في (الجواهر) في الحكم المذكور المبتني على الاستصحاب من جهتين: إحداهما: إن ظاهر الكون في دار الإسلام هو إسلام الابن، وهذا الظاهر مقدم على الأصل أعني الإستصحاب. والثانية: بأن الإرث تقتضيه القرابة حسب الأدلة في كتاب الإرث، والكفر مانع عن الاستحقاق، فإذا وجد المقتضي ـ وهو هنا الولدية ـ وشك في المانع ـ وهو الكفر ـ أثر المقتضي أثره، فيستحق المختلف فيه الإرث كأخيه(2).
وفي كلتا الجهتين نظر، أما الاولى: فإن كون الإسلام ظاهر من في دار الإسلام صحيح، لكنه يقتضى الحكم بإسلام من كان فيها مع الجهل بحاله، وأما من كان مسبوقاً بالكفر يقيناً ـ كما في مفروض المسألة ـ فلا يقتضي كونه في دار الإسلام إسلامه، فلا ظاهر في مقابل الأصل في هذا المقام.
وأما الثانية: فإن قاعدة المقتضي والمانع ـ بناء على تماميتها ـ تجري في صورة عدم جريان استصحاب المانع، مثلاً: إذا تمّ استصحاب الفسق لا يتحقق للأب ولاية عند الشك في ثبوتها، مع أن نفس الابوة مقتضية للولاية.
على أن أدلّة إرث الولد مخصصة بعدم كفره ـ سواء كان الكفر مانعاً أو كان الإسلام شرطاً ـ ومع الشك في إسلام الولد في حال موت الأب يكون التمسك بأدلّة الإرث من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
فالحق ما ذهب إليه المشهور، وإن الإستصحاب يفيد الحكم بعدم الإرث، أي: إن نفس عدم الإسلام كاف لعدمه.
قال المحقق: «وكذا لو كانا مملوكين فاُعتقا واتفقا على حريّة أحدهما واختلفا في الآخر»(3).
أي إن ذلك نظير الصورتين المذكورتين، والحكم نفس الحكم، لجريان الاستصحاب كذلك.
و أما الصورة الثالثة، فلا يجري فيها الإستصحاب المذكور في الصورتين السابقتين، و سيذكرها المحقق مستقلة في المسألة الثانية.

(1) شرائع الإسلام 4 : 120.
(2) راجع جواهر الكلام 40 : 504.
(3) شرائع الإسلام 4 : 120.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *