الثانية: لو شهدت بالشراء ولم تشهد بالملكية أو التسليم

المسألة الثانية

(لو شهدت بالشراء ولم تشهد بالملكية أو التسليم)

قال المحقق: «إذا ادّعى دابّة في يد زيد وأقام بينة أنه اشتراها من عمرو، فإن شهدت بالملكية مع ذلك للبائع أو للمشتري أو بالتسليم، قضي للمدّعي، وإن شهدت بالشراء لاغير قيل: لا يحكم، لأن ذلك قد يفعل فيما ليس بملك، فلا تدفع اليد المعلومة بالمظنون، وهو قوي. وقيل: يقضى له، لأن الشراء دلالة على التصرف السابق الدالّة على الملكية»(1).
أقول: لا كلام في ترتب الأثر على ما إذا شهدت البينة بالملكية مع الشراء للبائع بأن قالت: نشهد بشراء زيد هذه الدابة من عمرو وقد كانت ملكه، أو للمشترى بأن قالت: نشهد بشراء زيد هذه الدابة من عمرو وهي الآن ملك لزيد، أو بالتسليم من عمرو لزيد بأن قالت: نشهد بشراء زيد هذه الدابة من عمرو وتسليم عمرو إيّاها لزيد.
إنما الكلام فيما إذا تجرّدت الشهادة عن ذلك، بأن شهدت بالشراء لا غير، ففي المسألة قولان، وكلاهما للشيخ قدّس سرّه، أوّلهما: عدم القبول وهو قوله في (المبسوط) واختاره المحقق والأكثر كما في (المسالك). والثاني: القبول وهو قوله في (الخلاف) ووافقه العلامة في (المختلف)(2).
توضيح دليل الأول هو: إن هذه الشهادة لا تدل على الملكية، لا بالمطابقة ولا بالإلتزام، أما مع إضافة الملكية فالدلالة تامة بالإلتزام، ومع إضافة التسليم توجد دلالة التزامية على أمر هو أمارة على الملك، لأن التسليم أمارة على اليد التي هي أمارة على الملكّية.
وتوضيح دليل الثاني هو: إن الشراء يكشف عن التصرف السابق الدالّ على الملكية، كما أن اليد السابقة أمارة عليها، إذ كما أن الظاهر من اليد كونها أصالة لا نيابة ولا عدواناً، فكذا التصرّف بالبيع والشراء وإن لم يكن المال في يده.
قلت: فرق بين «اليد» و «التصرف»، فإن الأول أمارة على الملك شرعاً وعقلاً، بخلاف الثاني، فقد يكون قوله «بعت» في ملك غيره، وهذا القول وإن كان تصرّفاً لو صدر من المالك، لكنه بمجرده لا يترتب عليه أي أثر لا وضعي ولا تكليفي فهو لغو.
فظهر مما ذكرنا: إن البحث هو في دلالة هذه الشهادة على الملكية وعدم دلالتها، وليس البحث مبنياً على ما ذكره صاحب (الجواهر)، فلو قامت بينة على شراء زيد المال من عمرو فهي ليست بحجة، فلا ربط للبحث بالترجيح ومسألة الداخل والخارج، فتلك مسألة اخرى، ولا وجه لبناء هذه المسألة على تلك.

(1) شرائع الإسلام 4 : 115.
(2) المبسوط في فقه الامامية 8 : 295 ، كتاب الخلاف 6 : 345 المسألة 519 ، مسالك الأفهام 14 : 117.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *