و هل للمولى خيار الفسخ؟

و هل للمولى خيار الفسخ؟
وهل يكون للمولى خيار الفسخ؟ قالوا: نعم، لتبعض الصفقة، وقد قلنا سابقاً بأن التبعض الموجب للخيار غير صادق هنا، لأنه كالتلف قبل القبض على أثر حكم الحاكم.
وعلى ماذكروا من ثبوت الخيار، قال المحقق: «ولو فسخ عتق كلّه، وهل يقوّم على بائعه؟ الأقرب نعم، لشهادة البينة بمباشرة عتقه»(1) فهنا فرعان:
أحدهما: إنه لو فسخ مدعي الشراء، يرجع على المولى بكلّ الثمن، وحينئذ ينعتق العبد كلّه، لزوال المزاحم البينة القائمة على أن المولى أعتقه.
والثاني: إنه لو لم يفسخ المشتري، فهل يقوّم العبد على البائع إن كان موسراً أو لا؟ قال المحقق: الأقرب: نعم، لشهادة البينة بمباشرة عتقه «فيتم شرط السراية، وقد وافقه على ذلك (المسالك) و (الجواهر).
وفي (المسالك) عن الشهيد الإعتراض على ذلك (بأن الواقع في نفس الأمر إما العتق أو الشراء أو ليس أحدهما، وأيّما كان، امتنع معه التقويم على المالك والسراية، أما على تقدير العتق، فنه يكون للمجموع، ومع عتق المجموع لا بعض موجود حتى يقوّم، وأما على تقدير الشراء، فنه أيضاً للجميع فلا سبب للتقويم، إذ السبب عتق البعض وهو منتف، ومنهما يظهر انتفاؤه على تقدير انتفائهما»(2).
أقول: وفي (الدروس) إشكال آخر أيضاً حيث قال: «ولأنه عتق قهري، فلا يقوّم عليه»(3) أي: إن شرط التقويم والسراية هو أن يكون عتقه للنصف بالاختيار، بناء على أن الموجب القهري ـ كالإرث ـ لا يوجب السراية، وهنا الاختيار منتف، لأن بينة العبد شهدت بعتق الكلّ، وحرّية بعضه كانت بحكم الحاكم لا باختيار المولى، فلا مورد للسراية.
لكن يمكن الجواب عنه بتحقق الاختيار هنا، لأنه مع شهادة بينة العبد بعتق الكلّ فقد أعتق النصف، فإن مبنى تبعّض الصفقة هو أن من باع الكلّ فقد باع البعض وإلا لم يتحقق التبعض في مورد، فظهر أنه قد باع النصف بالاختيار، لكن التبعض تحقق بحكم الحاكم بمقتضى البينتين، لأنه أمر انتزاعي منشأه هنا الحكم المذكور.
وأما إشكاله الآخر المبتني على العلم الإجمالي في المقام، فقد أجابوا عنه: بأن مخالفة العلم الإجمالي مخالفة احتمالية لا مانع منها، فلو غسل يده المتنجسة بماء مشكوك الطهارة، فإنه يستصحب طهارة الماء ونجاسة اليد معاً، ولا مخالفة قطعية للعلم الإجمالي، وفيما نحن فيه، وإن علمنا بأن العبد إما مملوك كلّه ـ للمولى أو للمشتري ـ وأما حرّ كلّه، والحكم بالتنصيف يخالف العلم المذكور، لكن لا يلزم من ذلك مخالفة قطعية من المشتري والعبد، نعم، الحاكم يعلم بأن حكمه مخالف للواقع، إلا أنا ملزمون بمتابعة حكمه رعاية لمصلحة رفع الخصومة وفصل النزاع.
هذا، ولو حصل لنا العلم بعدم وجوب شراء النصف من المشتري، لأنه إما كلّه ملك للمشتري وإما كلّه حرّ، فيحصل العلم التفصيلي بعدم وجوب شراء المولى النصف من المشتري، ولا تقتضي ظواهر الأدلّة ذلك، بل يتوقف القول به على قيام دليل آخر، وهذا إشكال آخر.
ولو كان العبد في يد المشتري، فإن قدّمنا بينة الداخل حكم له، وإن قدّمنا بينة الخارج حكم بالعتق، لأن العبد خارج قاله في (الجواهر) تبعاً (للدروس).
لكن تقدّم منا القول بأن ذا اليد هو المولى وإن كان بيد المشتري.
لا يقال: تقدم بينة العبد، لأن له يداً على نفسه إن قدّمنا الداخل، وإلا قدمت بينة الشراء.
لأنا نقول: إنما يصير له يد بالعتق وثبوت الحرية، وقد نسب في (الجواهر) القول المذكور إلى بعض العامّة(4).

(1) شرائع الإسلام 4 : 115.
(2) مسالك الأفهام 14 : 115.
(3) الدروس الشرعية 2 : 106.
(4) جواهر الكلام 40 : 473.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *