حكم ما لو ادّعى عبد أن مولاه أعتقه وادّعى آخر شراءه منه

حكم ما لو ادّعى عبد أن مولاه أعتقه وادّعى آخر شراءه منه
قال المحقق قدّس سرّه: «ولو ادّعى عبد أن مولاه أعتقه وادّعى آخر أن مولاه باعه منه، وأقاما البينة، قضي لأسبق البينتين تأريخاً، فإن اتفقتا قضي بالقرعة مع اليمين»(1).
أقول: لو ادّعى عبد أن مولاه أعتقه، وادّعى شخص آخر أن مولى العبد قد باعه منه، فهما مدّعيان، والمولى هو المدّعى عليه وذو اليد، سواء كان العبد بيده أو بيد المشتري أو غيرهما أو لا في يد…
فإن لم تكن لأحدهما بيّنة وكذّبهما المولى، حلف لهما بيمينين لأنه المدّعى عليه ، وإن صدّق أحدهما وكذّب الآخر قضي لمن صدّقه، وهل يحلف لمن كذّبه أو لا؟ قولان، ذهب العلامة إلى الأول والشهيد الثاني وكاشف اللثام إلى الثاني تبعاً للمبسوط، ومنشأ الاختلاف هو ترتّب الأثر على هذه اليمين وعدمه، فهو نزاع صغروي، لأنهم متفقون على أن اليمين على الإنكار إنما تكون فيما إذا كان للإقرار أثر في ذلك المورد، قال كاشف اللثام: «والحق ما في المبسوط من أنه إن صدّق المشتري لم يحلف للعبد، لأنه لو أمر بعد ذلك بالعتق لم يقبل، لكونه إقراراً في حق الغير ولم يلزمه غرم، وكذا إن صدّق العبد لم يحلف للمشتري، لأنه لو صدقه بعد ذلك فقد اعترف بالإتلاف قبل القبض، وهو كالآفة السماوية في انفساخ البيع به، نعم، إن ادّعى عليه قبض الثمن حلف له إن أنكره»(2).
وقد وافق صاحب (الجواهر) العلامة وصوّر الثمرة في المسألة حيث قال:
«وفيه: منع عدم توجه اليمين للمشتري، مع إقراره المستخرج باليمين يكون من الحيلولة لا التلف فيغرم له القيمة، ولذا جزموا في المسألة السابقة ـ وهي دعوى الاثنين شراء العين من شخص هي في يده ـ أن لو أقرّ لأحدهما كان اليمين عليه للآخر، بل وله اليمين على المقرّ له، فلا يبعد حينئذ أن يكون هنا أيضاً له اليمين على السيد والعبد، كما أنه قد يقال باليمين على السيد للعبد مع الإقرار للمشتري، لعموم قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم «البينة…». وفائدته ثبوت الحرّية في حقّه، على وجه لو انتقل إليه بعد ذلك بإرث وغيره يحكم بحريته إن لم نقل بوجوب شرائه فعلاً عليه، كما عن بعضهم التصريح به، وإلا كانت الثمرة واضحة»(3).
هذا كلّه مع عدم البينة، ومع وجود البينة يقضى لمن أقامها، وإن أقاماها معاً، فإن كانت إحداهما أرجح أو أقدم تاريخاً قضي لها، وإن اتفقتا في العدد والعدالة والتأريخ قضي بالقرعة، فمن خرج اسمه حكم له بيمينه، فإن نكل حلف الآخر وقضي له.
«ولو امتنعا من اليمين قيل: يكون نصفه حرّاً ونصفه رقّاً لمدعي الإبتياع، ويرجع بنصف الثمن»(4) لأدلة التنصيف المذكورة سابقاً(5).
وقد تأمل صاحب (الجواهر) في شمول تلك الأدلّة لمثل الفرض الذي أحد طرفيه الملك والآخر الحرية، وحينئذ يكون الحكم لمن أخرجته القرعة، أي يقترع على الملكية لمدّعي الشراء والحريّة للعبد(6).
وعلى الأول ـ وهو قول الشيخ وجماعة ـ يرجع المشتري بنصف الثمن الذي أقبضه المولى.

(1) شرائع الإسلام 4 : 115.
(2) كشف اللثام 10 : 221.
(3) جواهر الكلام 40 : 472.
(4) شرائع الإسلام 4 : 115.
(5) راجع الباب 12 من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى.
(6) لقد ذكرنا في محلّه أن التنصيف يكون في كلّ مورد يقبله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *