هل يجب إجابة المنكر لو التمس اليمين من المدعي؟

هل يجب إجابة المنكر لو التمس اليمين من المدعي؟
قال المحقق قدّس سرّه: «وكذا لو التمس المنكر يمين المدّعي منضمّة إلى الشهادة، لم يجب إجابته، لنهوض البيّنة بثبوت الحق»(1).
أقول: إن للمنكر أن يرضى بيمين المدّعي، فإن حلف فهو، وإن اختار إقامة البينة كان له ذلك، ومع إقامتها لا يسمع طلب المنكر يمينه معها، نعم، في الدعوى على الميت يحلف مع البينة، وكذا مع الشاهد الواحد في الدعوى المالية.
لكن عن (القواعد) مع ذكر الحكم المذكور: «ولو التمس المنكر بعد إقامة البينة عليه إحلاف المدّعي على الاستحقاق اُجيب إليه، ولو التمس المنكر يمين المدعي مع الشهادة لم يلزم إجابته»(2).
وتوجيه الفرع الأول هو ما لو ادّعى المدين البراءة أو الإبراء، فكأن البينة أثبتت أصل الدين واليمين تثبت اشتغال ذمة المدين الآن، ففي الحقيقة يدّعي المدين الإبراء أو الأداء، والدائن ينكر ذلك فيحلف، وكذلك لو شهد الشاهدان بأن زيداً قد اشترى هذا المال فيكون ملكه، ثم يدّعي عمرو البائع الفسخ فيحلف زيد المدّعي على العدم.
وتوجيه الفرع الثاني هو في العين الموجودة، فإذا شهدت البينة بكونها لزيد لم تسمع مطالبة عمرو منه اليمين، نعم، لا مانع من الحلف بل يستحب في رضاه بها، لقوله عليه السلام لشريح: «وردّ اليمين على المدّعي مع بيّنته، فإن ذلك أجلى للعمى وأثبت في القضاء»(3).
وقال الشيخ في (المبسوط): «وكيف يحلف؟ قال قوم: يحلف ما اقتضاه ولا شيئاً منه، ولا اقتضى له ولا شيء منه، ولا أحال به ولا بشيء منه، ولا أبرأه ولا عن شيء منه، ولا اقتضى له مقتض بغير أمره فأوصله إليه، وأن حقه لثابت. قال: فإن ادّعى أنه قد أبرأه منه أو قد أحال به، لم يحلف المدّعى عليه على أكثر من الذي ادّعاه عليه لانه ما ادعى عليه غيره، وإن كانت الدّعوى مبهمة فقال: ماله قبلي حق أو قد برئت ذمتي من حقه، احتاج إلى هذه الألفاظ كلّها حتى يأتي بجميع جهات البراءة.
ومن الناس من قال: أي شيء ادّعى، فإن المدّعى عليه يحلف ما برئت ذمتك من ديني، فإذا قال هذا أجزأه، لأنها لفظة تأتي على كلّ الجهات، فإن الذمة إذا كانت مشغولة بالدين أجزأه أن يقول: ما برأت ذمتك من حقي.
وهذا القدر عندنا جائز كاف. والأول عندنا أحوط و آكد. وأمّا قوله: إن حقي لثابت، فلا خلاف أنه ليس بشرط»(4).

(1) شرائع الإسلام 4 : 107.
(2) قواعد الأحكام 2 : 208.
(3) وسائل الشيعة 27 : 211/1 . أبواب آداب القاضي ، الباب 1.
(4) المبسوط في فقه الاماميّة 8 : 206 ـ 207.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *