هل للممتنع عن اليمين شركة مع الحالف ؟

هل للممتنع عن اليمين شركة مع الحالف ؟
وهنا قال: « ولو حلف بعض أخذ ولم يكن للممتنع معه شركة »(1).
ومن هنا يظهر أن رأي المحقق يختلف، ففي صورة التنازع يفتي بعدم الشركة، وفي صورة عدمه يقول بالشركة، ويدلّ على ما ذكره في كتاب الشركة روايات:
1 ) عن أبي حمزة قال: « سئل أبو جعفر عليه السلام عن رجلين بينهما مال منه بأيديهما ومنه غائب عنهما، فاقتسما الذي بأيديهما، وأحال كلّ واحد منهما من نصيبه الغائب، فاقتضى أحدهما ولم يقتض آخر. قال: ما اقتضى أحدهما فهو بينهما ما يذهب بماله »(2).
2 ) عن غياث عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام مثله إلا أنه قال: « ما اقتضى أحدهما فهو بينهما وما يذهب بينهما »(3).
3 ) عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: « سألته عن رجلين بينهما مال منه دين ومنه عين، فاقتسما العين والدين فتوى(4) الذي كان لأحدهما من الدين أو بعضه، وخرج الذي للآخر أيردّ على صاحبه ؟ قال: نعم ما يذهب بماله »(5).
وقال في ( الجواهر )(6) في شرح العبارة: « لكن هذه النصوص بل والمتن وما شابهه مشتملة على الجزم بالشركة، وما ذاك إلاّ لحصول الإذن من الشريك بالقبض، ولو زعم القسمة الفاسدة ونحوها، وحينئذ يتّجه الجزم بشركة المقبوض، إنما الكلام فيما إذا قبض أحد الشريكين حصته لنفسه من دون إذن شريكه، وقد ذكر غير واحد من الأصحاب بل نسب إلى المشهور أن للشريك مشاركة الآخر فيما قبض، وله مطالبة الغريم بمقدار حصّته، فيكون قدر الحصة في يد القابض، كقبض الفضول إن أجازه ملكه وتبعه النماء، وإن ردّه ملكه الدافع ويكون مضموناً عليه على التقديرين، ولو تلف قبل اختيار الشريك كما في المسالك، بل في التذكرة التصريح في تعيّن حقّه به ولا يضمنه للشريك، وقد أطنب في المسالك في تحقيق ذلك وأنه من الفضولي، وأن ذلك هو المراد من قولهم تخير الشريك بين الرجوع على الغريم وبين الشركة فيما قبضه شريكه.
والجميع كما ترى لا ينطبق على القواعد الشرعية، وذلك لأنه وإن اتّجهت الشركة مع إجازة القبض لهما بناء على تأثير مثل هذه الإجازة في مثله، وإن كان فيه إشكال أو منع من وجوه، بل لم نجده في المقام لغير ثاني الشهيدين، لكن اختصاص القابض وملكه مع عدمها لا وجه له، بل المتجه حينئذ بقاؤه على ملك الدافع، وذلك لأن القابض ليس له إلا نصف المال المشاع بينه وبين شريكه، ومع فرض عدم إجازة الشريك لم يكن المال المقبوض مال الشركة، ونية الدافع أنه مقدار حصة القابض لا تنفع في ذلك وإن وافقتها نية القابض، بل لو رضي الشريك بكون ذلك حصة القابض، وما في ذمة الغريم حصة له لم يجد، لعدم صحة مثل هذه القسمة.
ودعوى جوازها لكنها مراعاة بقبضه ، فإن حصل تمّت وإلاّ رجع على القابض وشاركه فيما قبضه، تهجّس بلا دليل، بل هو مخالف للمعروف من عدم صحة قسمة الدين، وللمعلوم من أنه مع عدم إجازة القبض على وجه يكون به المقبوض مالاً للشركة لا يكون كذلك، فكيف يعود إليه بعد عدم القبض، وحينئذ، فإن لم يكن ثمة إجماع ، أشكل الحكم بملك القابض جميع ما قبضه بعد عدم الإجازة بل ولا بعضه، اللهم إلا أن يقال إنه برضا الشريك يكون المقبوض حصة القابض بتمحض المقبوض مالاً للشركة ، بل هو في الحقيقة إجازة لذلك »(7).
إذن ، قد فرّق المحقق وجماعة بين مورد الدعوى وغيره، ولذا أشكل في ( المسالك ) الفرق، ثم نقل عن بعضهم التفصيل بين الدين والعين، وقد أشكل في ( الجواهر ) على هذا الفرق.
وعن جماعة التفريق بين الإقرار والمقام، وأشكله في (المسالك) بأن سبب الملك في المقام ليس هو اليمين بل الأمر السابق من إرث أو وصيّة … ويكون أثر اليمين من بعض الجماعة رفع المانع من تصرفهم في المال برجوعه إليهم.
هذا، وفي ( الجواهر ): نعم لو أراد الاستقلال بذلك ، صالحه عن حصّته المشاعة بعين أو حوّل عليها على إشاعتها أو نحو ذلك ، مما ذكرناه في وجه اختصاص بعض الشركاء عن بعض حتى في العين.
والظاهر أن مراده من « أو حوّل عليها » أن يحوّل شريكه على شخص آخر فيتقاضى منه ما يقابل حقه في هذا المال ، فيختص به عن شريكه ولا يطالبه شريكه بحقه فيه.
قال: نعم قد يتّجه اختصاص الشريك في الدين والعين بما يقبضه منهما إذا لم يعلم بقاء سبب الشركة ، لاحتمال الإبراء من شريكه أو نقله بحصته على الإشاعة أو نحو ذلك، والعلم السابق بحصول الشركة لا يقتضي التشريك فيما يدفعه المديون أو من في يده العين منها.
أقول: يمكن أن يقال بأن الشك في بقاء الشركة مسبب عن الشك في نقل الشريك حصته مثلاً، وجريان الأصل في السبب لا يثبت بقاء الشركة في المال إلا على القول بالأصل المثبت، وهذا هو مراد صاحب ( الجواهر )، ولكن لا مانع من إجراء أصالة عدم الشركة في هذه العين فلا يشاركه أخوه فيها، فالإستصحاب في العين تام، وفي الدين مشكل لشبهة الإثبات.
قال: « مع عدم ثبوت الشركة بظاهر الشرع »(8).
أقول: إنه إذا حلف أحد الشريكين يقول الحاكم للمديون إدفع إليه حقّه، فإن علم الآخذ ببقاء حق شريكه وجب عليه إعطاؤه حقّه، وإن كان شاكّاً فكذلك ، للأصل، فإن أراد بعدم ثبوت الشركة بظاهر الشرع عدم ثبوتها في العين، فهو غير تام.
قال: بل ربما ثبت عدمها بظاهر الشرع، كما لو رضي بيمينه أو نكل عن يمين ردّت عليه أو نحو ذلك.
أقول: يعني إذا وقع النزاع في الإبراء ، فادّعاه المديون وأنكره هو فرضي بيمين المديون، فإذا حلف سقط حقه، وكذا لو ردّ المديون اليمين عليه فنكل عنها، فإنه يثبت بذلك عدم الشركة بظاهر الشرع.
هذا، ويختص المال بالحالف مع غيبة الشريك وإن جاء وحلف، فلا يشارك أخاه فيما أخذ بل يثبت بحلفه حقه على المديون، ولو كان ثمة شركة له فيما أخذه لترتب عليها آثارها، كالشركة في النماء الحاصل بيد الشريك وضمانه فيما لو تلف المال بيده.

(1) شرائع الإسلام 4 : 93.
(2) وسائل الشيعة 19 : 12/1 . كتاب الشركة ، الباب 6.
(3) وسائل الشيعة 19 : 12/1 . ذيل الحديث كتاب الشركة ، الباب 6.
(4) توى : هلك.
(5) وسائل الشيعة 19 : 12/2 . كتاب الشركة ، الباب 6.
(6) جواهر الكلام 26 : 330.
(7) جواهر الكلام 26 : 330.
(8) شرائع الإسلام 4 : 93.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *