عدم جواز الإحلاف بغير أسماء الله

عدم جواز الإحلاف بغير أسماء الله:
قال المحقق: « ولا يجوز الإحلاف بغير أسماء الله سبحانه، كالكتب المنزلة والرسل المعظمة والأماكن المشرّفة »(1).
أقول: ويدلّ على ذلك النصوص الكثيرة المذكور بعضها آنفاً، فلا يجوز الحلف بغير الله وإن تراضى الطرفان بالحلف بغيره، بل إن المصالحة على الحلف بغيره تعالى لا يفصل النزاع، لأن هذه اليمين محرمة إمّا تكليفاً ووضعاّ وإمّا وضعاً فقط، على الخلاف، لأنه على الأوّل يكون الصّلح على أمر محرّم فعله، وعلى الثاني يكون على أمر لغو، فيكون أكل ما صولح عليه به أكلاً للمال بالباطل.
ووجه الخلاف في هذا المقام بين الأصحاب هو اختلافهم في الإستفادة من أدلّة النهي عن الاستحلاف بغير الله، ومع الشك في الحرمة التكليفية تجري البراءة، وحينئذ لا يحكم بفسق المحلّف والحالف، أما مع الشك في الحكم الوضعي فالأصل عدم النفوذ ، والقدر المتيّقن من النصوص دلالتها على عدم ثبوت الحق وعدم سقوطه باليمين بغير الله تعالى ، وإن كان من الكتب المنزلة أو الرسل المعظمة أو الأماكن المشرّفة.
لكن في بعض الأخبار ما ينافي تلك الأدلّة، وهذه نصوص تلك الأخبار:
1 ـ عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام: « إن أمير المؤمنين عليه السلام استحلف يهوديّاً بالتوراة التي ُأنزلت على موسى عليه السلام »(2) .
2 ـ عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام : « سألته عن الأحكام. فقال: في كلّ دين ما يستحلفون به »(3).
3 ـ عن محمد بن قيس قال: « سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: قضى علي عليه السلام فيمن استحلف أهل الكتاب بيمين صبر أن يستحلف بكتابه وملّته »(4).
ولعلّ بالنظر إلى هذه الأخبار قال المحقق قدّس سرّه:
« ولو رأى الحاكم إحلاف الذمّي بما يقتضيه دينه أردع جاز »(5).
لكن المشهور عدم جواز إحلاف اليهود والنصارى بغير الله، للنصوص النّاهية عن ذلك عموماً وخصوصاً، وقد أجابوا عن خبر السكوني بضعف سنده، وفي ( الوسائل ) : حمله الشيخ على أنه مخصوص بالإمام، وعلى هذا حملت الأخبار الاُخرى أيضاً، وأما صحيح محمد بن مسلم فهو مجرّد إخبار عن شرائعهم.
والحاصل، إن هذه النصوص لا تصلح معارضة للنصوص السابقة، لقصور بعضها سنداً والبعض الآخر دلالة…
وهل يجب أن يكون الحلف بلفظ الجلالة فقط ؟
الواجب هو الحلف بذات الله المقدسة، أي المسمّى بلفظ الجلالة والأسماء الحسنى، فيجزي أىّ اسم كان من أسماء الله سبحانه وتعالى ، أو أيّ صفة من صفاته الخاصّة به عزّوجل .

(1) شرائع الإسلام 4 : 87.
(2) وسائل الشيعة 23 : 266/4 . كتاب الأيمان ، الباب 32.
(3) وسائل الشيعة 23 : 257/7 . كتاب الأيمان ، الباب 32.
(4) وسائل الشيعة 23 : 267/8 . كتاب الأيمان ، الباب 32.
(5) شرائع الإسلام 4 : 87.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *