الآداب المكروهة

والآداب المكروهة: أن يتخذ حاجباً وقت القضاء(1) ، وأن يجعل المسجد مجلساً للقضاء دائماً، وقيل: لا يكره مطلقاً، إلتفاتاً إلى ما عرف من قضاء علي عليه السلام بجامع الكوفة(2)، وأن يقضي وهو غضبان(3) وكذا يكره مع كلّ وصف يساوي الغضب في شغل النفس كالجوع والعطش والغم والفرح ومدافعة الأخبثين وغلبة النعاس(4).
فلو قضى والحال هذه نفذ إذا وقع حقاً، وأن يتولّى البيع والشراء لنفسه(5)، وكذا الحكومة(6)، وأن يستعمل الإنقباض المانع من اللّحن بالحجّة، وكذا يكره اللّين الذي لا يؤمن معه جرأة الخصوم.
ويكره أن يرتّب للشهادة قوماً دون غيرهم، وقيل : يحرم، لاستواء العدول في موجب القبول، ولأن في ذلك مشقّة على الناس بما يلحق من كلفة الإقتصار(7) .

(1) للنبوي العامي ( مسند احمد 5 : 238 ): « من ولي شيئاً من الناس فاحتجب دون حاجتهم احتجب الله تعالى دون حاجته وفاقته وفقره » قال في الجواهر ( 40 : 80 ): بل ربما قيل بالحرمة، بل عن الفخر أنه قرّبه مع اتخاذه على الدوام بحيث يمنع أرباب الحوائج ويضرّبهم، بل في المسالك: هو حسن لما فيه من تعطيل الحق الواجب قضاؤه على الفور. قال: وإن كان الجميع كما ترى، ضرورة كون المراد كراهة اتّخاذه من حيث كونه حاجباً فلا ينافي الحرمة من جهة أخرى. وفي جامع المدارك: لا يخفى أن المستفاد من هذا الحديث الحرمة أو الكراهة لنفس الاحتجاب وليس من المكروهات أو المحرمات لنفس القضاء.
(2) في المستند ( 17 : 59 ): « القضاء في المسجد مكروه مطلقاً وفاقاً للأكثر كما في المعتمد، لمرسلة ابن أسباط: جنّبوا مساجدكم الشرى والبيع والمجانين والصبيان والأحكام والضالّة والحدود ورفع الصوت. ومرسلة الفقيه: جنّبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم ورفع أصواتكم وشرائكم وبيعكم والضالّة والحدود والأحكام. والإستدلال بالنبوي: جنّبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وخصوماتكم، منظور فيه.
وقيل باستحبابه كذلك، لأن المسجد للذكر ومنه القضاء، ولكونه أفضل الأعمال اللاّئق بأشرف البقاع.
وقيل بالإباحة، للأصل وفعل علي عليه السلام، حتى أن دكة قضائه مشهورة.
وقيل: بكراهة الدائم دون غيره، جمعاً بين أدلة المنع والجواز… ».
(3) يدل عليه ما رواه السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: « قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : من ابتلي بالقضاء فلا يقضي وهو غضبان ».
وفي رواية عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لشريح: «… وإن غضبت فقم ولا تقضين وأنت غضبان » . أنظر باب كراهة القضاء في حال الغضب من وسائل الشيعة 27 : 213/2 . أبواب آداب القاضي . الباب 2.
(4) يدل على ذلك ما رواه الشيخ الكليني بإسناده عن سلمة بن كهيل في وصية أمير المؤمنين لشريح: « ولا تقعد في مجلس القضاء حتى تطعم » وسائل الشيعة 27 : 211/1 . أبواب آداب القاضي ، الباب 1. وما رواه العامة في النبوي: « لا يقضي إلا وهو شبعان ريّان » وما ذكروه في آخر عنه: « لا يقضي وهو غضبان مهموم ولا مصاب محزون ». قال في المستند ( 17 : 62 ): وقد صرحوا بكراهة سائر ما يشبه المذكورات من شاغلات النفس ومشوبات الخاطر، ولا بأس به وإن لم أعثر على نص عام. ويمكن استنباط الجميع من التعليل المذكور في المروي عن الأمالي.
(5) في الجواهر ( 40 : 83 ): « في مجلس الحكم وغيره مع من يعلم أنه يحاسبه وغيره… بل الظاهر إلحاق غير البيع والشراء من المعاملات بهما… ».
(6) في الجواهر ( 40 : 83 ): بأن يقف بنفسه مع خصمه عند قاض آخر… وما اتفق وقوعه منه عليه السلام أو من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إنما كان لبيان بعض الأحكام الشرعية التي أخطأ فيها من نصب نفسه قاضياً للناس أو لغير ذلك من المصالح.
(7) نسب القول بالحرمة إلى الشيخ قدّس سرّه في المبسوط. وقد نقل في الجواهر عبارته ثم قال: ومن ذلك يعلم أن الشيخ غير مخالف في مفروض المتن… فراجع ( الجواهر 40 : 83 ).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *