التحقيق

التحقيق
ولكنّ المستظهر من الآية شيء آخر، فقد تكرّر قوله تعالى: (لا يَقْدِرُ)مرّتين. أمّا في الثاني وهو «الأبكم» فالعجز تكويني، وأمّا في الأوّل، فهو من شئون المملوكيّة، وذلك، لأنّه ليس في القرآن قيد أو وصف توضيحي، بل جميع ألفاظ القرآن حتى حروفه وأدواته إنّما جاءت للدلالة على معنىً، وقد ورد في الآية «عبداً مملوكاً» فما هي النكتة في كلمة «مملوكاً» مع وضوح كون العبد مملوكاً؟
الظّاهر أنه وصفٌ يتفرّع على القدرة على شيء، وقد جئ به للدلالة على أنّ هذا العجز ليس تكوينيّاً بل هو عرضي بلحاظ مملوكيّته، وعلى هذا نقول:
إنّ هذه الآية تدلّ على أنّه ليس للعبد أنْ يتصرّف في نفسه وماله كما يتصرّف المالك الحرّ في نفسه وأمواله، لأنه مملوك. وأمّا الاستدلال بها على عدم جواز التصرّف في أموال المولى، وفي أموال غير المولى من سائر الناس، فغير تام، لأنّ التصرّف في مال الغير إلاّ بإذنه غير جائز لغير العبد أيضاً، فانحصرت دلالة الآية على عدم صحّة تصرّف العبد في نفسه وماله إلاّ بإذن من سيّده.
ولا أعهد أحداً تنبّه إلى ما ذكرناه في الآية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *