مقدّمات التحقيق فيه

مقدّمات التحقيق فيه
أقول:
ينبغي تقديم اُمور:
الأوّل: كلّ من المتعاقدين، كالبائع والمشتري، إما أصيل أو وكيل أو فضولي. وعلى كلّ تقدير، يكون المبيع والمشترى شيئاً شخصيّاً موجوداً في الخارج أو كليّاً في الذمّة أو يختلفان.
فهل بناءً على اعتبار تعيين المالكين، يعتبر ذلك في جميع الأقسام المذكورة أو في بعضها؟
الثاني: البيع عبارة عن مبادلة مال بمال بنحو التمليك، فهل يعتبر أنْ يحلّ كلٌّ من العوضين في محلّ الآخر كما لعلّه المشهور، وقد كان الميرزا الاستاذ يقول بأنّ البيع هو المبادلة بين طرفي الإضافة، أوْ لا يعتبر كما عليه المحقق الخراساني، فيصحّ أن يعطي الدرهم لشخص لأنْ يشتري به خبزاً فيأكله؟
الثالث: لاريب في ماليّة العين الخارجيّة، أمّا الكلّي، فقد قالوا: بأنّه ما لم يضف إلى ذمّة ليس بمال، بل ربما يقال بأنه ليس بملك، لأنّ الملكيّة أمر اعتباري ثبوتي، وكلّ ثابت فيحتاج إلى محلٍّ موجود يثبت فيه، فإمّا يكون شيئاً شخصيّاً خارجيّاً أو كليّاً موجوداً بوجود اعتباري في ذمّة شخص.
ولكنّ الأمر يعود إلى تعريف المال، فإنْ كان المال ما يبذل بأزائه شيء، فالكلّي بالنسبة إلى سائر الناس على حدّ سواء، ولذا لا يبذل شيء بأزائه إلاّ إذا اُضيف إلى الذمّة. وإنْ كان المال ما تميل إليه الطّباع وترغب فيه، فالكلّي مالٌ.
والقول بأنه ما لم يضف ليس بملك، يستلزم بطلان بيع السّلم، وهو كما ترى.
فالصحيح أنْ يقال: الكلّي ما لم يضف إلى ذمّة لا يقابل بالمال ولا يصحّ تمليكه.
الرابع: العقود على أقسام، ففي العقود المعاوضيّة، العوضان ركن ولابدّ من اعتبارهما وذكرهما، وأمّا غيرهما، فيحتاج اعتباره إلى الدليل، كما أنّ الركن في النكاح الزّوجان فقط، ولذا يصح عقد النكاح لولم يذكر المهر، وفي كلّ عقد يتعلّق بالأشخاص كالوقف والشركة والمضاربة والسبق والرماية والوصيّة فالشّخص هو الركن.
الخامس: إن المتعاملين إمّا شخصان متعيّنان معلومان في الخارج، كأن يقول: بعت هذا من زيد بكذا. وإمّا شخصٌ خارجي يشار إليه إجمالاً، كأن يقول: بعت هذا الشيء بالثمن المعيّن لمالكه، وإمّا هو شخص وطرفه كلّي مثل: الوقف على من في المدرسة، وإمّا هو كلّي بقيد الوحدة، كأن يقول: بعت لرجل واحد، كما يقال: جئني برجل واحد. وإمّا هو مردّد، كأنْ يزوّج المرأة من أحد الشخصين.
لكنّ الأخير لا يعقل، لأن المردّد لا وجود له ولا ماهيّة، بل هو مساوق للمعدوم بالحمل الشائع.
السّادس: إن الاعتبار يتعلّق تارةً: بالجوهر، كأنْ يعتبر زيداً أسداً، واخرى بالمقولة العرضية، كقولهم: فلان قلبه أبيض، وثالثة: بمقولة الإضافة، كاعتبار البنوّة لزيد المستلزم لاعتبار الاُبوّة لعمر، لأنّ قوام هذه المقولة بالطّرفين، ولا يعقل اعتبار الإضافة لشيء بدون الطرف، كما أنّ وجود أحدهما خارجاً بدون طرفه غير معقول، إذ المتضائفان متكافئان في القوّة والفعليّة، ولذا يكون الكلّي المضاف إلى الذمّة مضافاً إلى المالك أيضاً، لأن المالكيّة والمملوكيّة متضائفان، وإلاّ يلزم وجود الملك بلا مالك، وهو مستحيل. ومن هنا يظهر الفرق بين «المال» و«الملك»، إذ المال يمكن وجوده بلا مالك، كالجواهر في معادنها، فإنها أموال يبذل الشيء بأزائها، لكنّ الملك بلا مالك غير معقول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *