الكلام في حكم إتلاف الصّبي

الكلام في حكم إتلاف الصّبي
قال الشيخ:
ثم إن مقتضى هذه الفقرة بناءً على كونها علّة للحكم: عدم مؤاخذتهما بالإتلاف الحاصل منهما، كما هو ظاهر المحكي عن بعض، إلاّ أنْ يلتزم بخروج ذلك من عموم رفع القلم. ولا يخلو عن بعد. لكن هذا غير وارد على الاستدلال…
أقول:
هذا في الحقيقة إيراد على ما أفاده من جواز أنْ يكون «رفع القلم» بقول مطلق علّةً لـ«تحمله العاقلة» ومعلولاً له، بأنّه إذا كان علّةً يلزم عدم ضمان الصبيّ فيما لو أتلف مال الغير، وهذا ممّا لا يلتزم به. فاضطرّ إلى أخذه معلولاً له، فيختصّ رفع قلم المؤاخذة بالأفعال التي يعتبر في المؤاخذة عليها قصد الفاعل، فيخرج مثل الإتلاف.
لكنْ يرد عليه: أنّه أراد أنْ يجعل «رفع القلم» الوارد في ذيل خبر أبي البختري قرينةً على أنّ المراد من أخبار رفع القلم المذكورة سابقاً، هو رفع قلم المؤاخذة بقول مطلق، فيتوجّه الإشكال المزبور على تلك النصوص، لأنّ تقييد رواية أبي البختري حتى يخرج مثل الإتلاف لا يوجب تقييدها، لأن تقييد المطلق يبتني على التنافي بينهما بالسّلب والإيجاب، وهو هنا مفقود، فيعود الإشكال بالنظر إلى تلك النصوص، لأن ضمان الإتلاف ثابت على الصبي ويجب عليه دفع المثل أو القيمة بعد البلوغ. أمّا ثبوت الضمان، فلعموم أدلّته، وأمّا حديث الرّفع، فيرفع التكليف، وأمّا «عمدهما خطأ» فلسانه على التحقيق لسان الحكومة ـ الإثباتيّة من قبيل «الطواف بالبيت صلاة» خلافاً للشيخ إذ استظهر منه الحكومة السلبيّة من قبيل «لا شك لكثير الشك». والحكومة إنما تكون حيث للمنزّل عليه أثر، ولا أثر لخطأ الصبي. والحاصل: إن عموم: من أتلف مال الغير فهو له ضامن، يشمل الصبي، فالضمان ثابت عليه.
لكنْ يجب عليه دفع المثل أو القيمة بعد البلوغ، لأن الحكم يبقى إذا كان موضوعه باقياً، والمفروض هنا بقاء الضّمان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *