هل يلزم المالك بأخذ البدل؟

هل يلزم المالك بأخذ البدل؟
قال الشيخ:
ثم إن ثبوت القيمة مع تعذّر العين ليس كثبوتها مع تلفها في كون دفعها حقّاً للضّامن فلا يجوز للمالك الامتناع…
إذنْ، فرق بين البدل الواقعي وبدل الحيلولة. ففي الأوّل، يُلزم الضامن المالك بأخذ البدل ولا يجوز له الامتناع من الأخذ. وفي الثاني، للمالك أن يمتنع من الأخذ ويصبر إلى زوال العذر. قال: كما صرّح به الشيخ في المبسوط،(1) ويدلّ عليه قاعدة تسلّط الناس على أموالهم.
وما ذكره في بادئ النظر جيّد، لأنّ مقتضى إطلاق قاعدة السّلطنة أنّ له أنْ لا يتصرّف في ماله كما له التصرّف فيه، فهذا حق ثابت للمالك بالنسبة إلى أمواله، بخلاف بدل التالف، فالحقّ هناك للضّامن، بأنْ يلزم المالك بالأخذ وليس له الامتناع.
إلاّ أنّه لا يخلو من تأمّل، لأنه يتوقّف على أنْ يكون عدم التصرّف في المال أو بدله من شئون السّلطنة، وهذا غير صحيح، لما ذكرنا في الاصول من أن قولهم في معنى القدرة والسّلطنة على الشيء أن له إرادة فعله وإرادة تركه كلام صوريّ، بل الصحيح أنّ السلطنة والقدرة على الشيء هي أنه إنْ شاء فعل وإنْ لم يشأ لم يفعل، لأنّ العدم لا ينشأ من الإرادة، والعدميّات لا تدخل في حيّزها، فمعنى الحديث: أنّ له القدرة على التصرّف في ماله، وليس معناه القدرة على ترك التصرّف فيه.
فلا مناص من أنْ يحمل كلامه على أنّ العين لمّا كانت موجودةً في الخارج وهي ملكٌ له، فسلطنته عليها باقية ولم تنتقل إلى البدل في ذمّة الضامن، حتّى يقال بأنّ للضّامن الحق في إلزام المالك بأخذ البدل من أجل الخروج عن العهدة.
إلاّ أنّ هذا الذي ذكره الميرزا الاستاذ رحمه الله(2) أيضاً في توجيه عبارة الشّيخ رحمه الله، يتناسب مع بعض المباني لا كلّها، فإنْ كان المدرك لبدل الحيلولة قاعدة لا ضرر، لكون صبر المالك ضرراً عليه، كان له أن يطالب ببدل الحيلولة دفعاً لضرر، وله أنْ لا يطالب، وإنْ كان قاعدة اليد على ما ذكرنا، اشتغلت ذمّة الضّامن بالبدل كمالو تلفت العين، ويضمن المثل أو القيمة، وله حينئذ أن يُلزم المالك بالأخذ وليس للمالك الامتناع. وإنْ كان الإجماع، فالقدر المتيقن صورة مطالبة المالك. وإنْ كان قاعدة لا ضرر، من جهة أنّ عدم حكم الشارع بدفع البدل ضرر على المالك، اشتغلت ذمّته وكان له إلزام المالك كذلك.
وعلى الجملة، فإنّه لا دلالة لقاعدة السّلطنة على ما ذكر، بل الدليل عليه غيرها من القواعد والأدلّة المستدلّ بها لوجوب بدل الحيلولة.

(1) المبسوط في فقه الامامية 3/87 .
(2) منية الطالب 1/156.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *