القول بيوم البيع

القول بيوم البيع
ثم إنه حكي عن المفيد والقاضي والحلبي(1): الاعتبار بيوم البيع… ولم يعلم له وجه.
لو اشترى شيئاً ولم يعيّن الثمن بل فوّضه البائع إلى حكم المشتري، كان البيع باطلاً. إنما الكلام فيما لو تلف الشيء في يد المشتري، فالمحكي عن الجماعة أنّ عليه دفع قيمة يوم البيع إلى المالك، قال الشيخ: «لم يعلم له وجه، ولعلّهم يريدون به يوم القبض، لغلبة اتّحاد زمان البيع والقبض. فافهم».
ولعلّ الأمر بالفهم للإشارة إلى أنّ القائل بالاعتبار بيوم القبض لا يفرّق بين ما كان فساده بسبب التفويض إلى حكم المشتري، وما كان بسبب آخر كالغرر وغيره.
ولعلّه ـ كما قال السيّد(2) ـ للإشارة إلى أنّه لا دليل على حمل «يوم البيع» على «يوم القبض» إلا أنه لا مناص من ذلك صوناً لكلامهم عن الخطأ.
أقول:
قد قلنا في قاعدة «ما يضمن بصحيحه…» بالنظر إلى كلام شيخ الطائفة من أنّ «المشتري دخل على أنْ يكون مضموناً عليه» أنّه إذا كان العقد فاسداً فلا يجب دفع البدل المسمّى بل يتعيّن عليه دفع المثل أو القيمة. وقد أجبنا عن إشكال الشيخ بأنه ليس من أدلّة الضمان الدخول على أنْ يكون مضموناً عليه، بتقريب كلام شيخ الطّائفة بأنّ نفس الإقدام على المعاملة دليلٌ على الالتزام بالمعاوضة بين الثمن والمثمن، وأنه لا يعطى المعوّض مجّاناً.
وبعبارة اخرى: إنّ المعاملة متضمّنة ارتكازاً لاشتراط وجود العوض للمبيع، والمشتري ملزمٌ بدفع العوض بمقتضى قوله صلّى الله عليه وآله: «المؤمنون عند شروطهم»(3). ولمّا كان البيع فاسداً ولم يستقرّ العوض المسمّى، فلا محالة يجب عليه دفع العوض الواقعي من المثل أو القيمة.
فعلى ذلك يقال هنا: إنّ نفس البيع متضمّن للشرط الواجب الالتزام به بمقتضى الحديث المتقدّم، فقولهم باعتبار يوم البيع هو بلحاظ أنه في هذا اليوم دخل على أن يكون المال مضموناً عليه، فالملاك هو يوم البيع وإنْ حصل القبض بعد حين. ولعلّ هذا هو الوجه في الأمر بالفهم.

(1) انظر: مختلف الشيعة 5 / 243 ـ 244.
(2) حاشية المكاسب 1 / 512 .
(3) وسائل الشيعة 21 / 276، كتاب النكاح، أبواب المهور، الباب 20 رقم 4، ويوجد في مواضع اخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *