مناقشته

مناقشته
وبعد أنْ ظهر عدم تماميّة شيء مما اُورد به عليه ، خاصّةً الإشكال الأوّل وما اشتهر عن المحقق الخراساني من أنه قائل بمجعوليّة استحقاق العقاب والتعذير ، فإنّ التأمّل في كلماته في الموارد المختلفة يفيد عدم صحّة هذه النسبة ، بل إنه يرى أنّ التنجيز والتعذير من مقتضيات الحجيّة لا نفس الحجيّة المجعولة ، وأنّ المستفاد من أدلّة الحجيّة والاعتبار في باب الأمارات إلغاء احتمال الخلاف وجعل الطريقيّة .
إلاّ أنه يرد الإشكال على كلامه في الكفاية بالنسبة إلى الاصول المرخّصة كقاعدة الحلّ ، من الجمع بين الحكمين بأنّ الحكم الواقعي غير فعليّ والحكم الظاهري فعلي ، إذ فيه :
إنّه لا ريب في فعليّة الحكم الواقعي مع العلم بالخلاف ، فلو علم بحليّة شيء هو حرام في الواقع ، فإنّ هذا العلم غير مؤثر في فعليّة الحكم الواقعي ، لكون الموضوع محقَّقاً بجميع قيوده وليس للعلم دخل في ذلك ، وحكم الأمارة القائمة على الخلاف حكم العلم بالخلاف ، وعليه ، فلابدّ إمّا من تقييد الحكم بعدم قيام الأمارة على خلافه ، وهذا هو التصويب ، وإمّا من الالتزام بعدم الفعليّة له مع تماميّة موضوعه من جميع الجهات ، وهو محال ، للزوم تخلّف الحكم عن موضوعه ، ومع عدم التقييد أو الالتزام المذكورين ، فالإشكال ثابت ، لأنه يلزم اجتماع المثلين في صورة الموافقة واجتماع الضدّين في صورة المخالفة .
وأيضاً ، فإنّ كلامه في هذا المقام يشتمل على التهافت ، لأنه قال بأنّ الحكم الواقعي هو بحيث لو علم به لتنجّز ، ومعنى هذا الكلام كونه في المرتبة الثالثة من مراتب الحكم ، لكنّ المفروض كون الحكم الظاهري أيضاً فى هذه المرتبة بضميمة وصوله ، فإذن ، قد اجتمع الحكمان في هذه المرتبة ، إلاّ أن هذا الكلام ينافي قوله بأنّ الحكم الواقعي هو بحيث لو اُذن بالمخالفة له فلا فعليّة له ، لأن معنى ذلك كونه في مرتبة الإنشاء وعدم وصوله إلى مرحلة أنه لو علم به لتنجّز . فتدبّر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *