هل يورّث جواز الرجوع؟

هل يورّث جواز الرجوع؟
قوله:
ثم إنك قد عرفت مما ذكرنا أنه ليس جواز الرجوع في مسألة المعاطاة نظير الفسخ في العقود اللاّزمة حتى يورّث بالموت ويسقط بالإسقاط… .
أقول:
لم يصرّح بذلك من قبل، ولعلّه يريد قوله في مسألة اللّزوم بالتلف من أنّ جواز الرجوع من عوارض العوضين لا من عوارض العقد.
إنّ خيار الفسخ من الحقوق وله آثار، منها الانتقال بالإرث وقبوله للإسقاط، لكنّ جواز التراد حكم شرعي، فلا يقبل الإسقاط مطلقاً.
ولو قيل: بأن الرجوع في المعاطاة فسخ للعقد أيضاً، ولذا جاء في بعض العبارات في مسألة المعاطاة كلمة: يجوز الفسخ، فِلمَ لا يكون الرجوع حقّاً كذلك؟
قلنا: فرقٌ بين حلّ العقد وفسخه بالخيار، وجواز ترادّ العوضين، فذاك يكون بالمطابقة، وهذا بالملازمة من جهة ارتفاع الموضوع به، فكلّما كان الفسخ فيه بالمطابقة فهو حق، وكلّما كان بالالتزام فهو حكم.
ولو شككنا في أن جواز الرجوع حكم أو حق، رجع الشك إلى حدوث آثار الحق، والأصل العدم.
فالحاصل: إن جواز الرجوع لا يورّث بالموت ولا يسقط بالإسقاط مطلقاً، لأنه حكم، ولا يشمله النبويّ: «ما كان للميّت من ملك أو حق فهو لوارثه»(1) ومع الشك، يستصحب عدم الانتقال وعدم السّقوط بالإسقاط.
وبالجملة، فإنه لو لم يكن حكماً، فإنّ آثار الحق لا تترتّب عليه.
قوله:
بل هو على القول بالملك نظير الرجوع في الهبة، وعلى القول بالإباحة نظير الرجوع في الطعام، بحيث يناط الحكم فيه بالرضا الباطني… .
أقول:
أمّا على القول بالملك، فكذلك. أمّا على القول بالإباحة، ففيما ذكر نظر:
أمّا أوّلاً: فلأن لازمه رجوع كلّ مال مأخوذ بالمعاطاة إلى صاحبه بموت الآخذ، لأنّ المفروض كونه إباحةً له، وقد مات، وليس هناك إباحة لورثته، فالتنظير بإباحة الطعام في غير محلّه، وهو خلاف السّيرة القطعيّة.
وأمّا ثانياً: فإن مفهوم الإناطة بالرضا الباطني عدم الإباحة مع الكراهة الباطنيّة، وهذا عجيب جدّاً، لأن هذه إباحة قام الإجماع ونحوه على شرعيّتها أو أنها إباحة من المتعاطيين في ضمن التمليك منهما، فأمضاها الشّارع دون التمليك، فهي ـ على كلّ حال ـ إباحة تعبديّة شرعيّة، ولا وجه لإناطتها بالرضا الباطني، ولو شك، فإنها تستصحب.
فما ذكره سهو من قلمه قطعاً.
قوله:
فلو مات أحد المالكين لم يجز لوارثه الرجوع… .
أقول:
لأن جواز الرجوع حكم، والحكم لا يورّث، ولو شك فالأصل عدمه، كما لا جواز للرجوع في الطّرف المقابل، بأنْ يرجع على الوارث، لأنه كان يجوز له الرجوع على الآخذ بالمعاطاة لا على الوارث المالك بالإرث، ولو شك، فالأصل العدم كذلك.
لكنّ مفهوم كلامه هو جواز رجوع الوارث، على القول بالإباحة.
وفيه: إنّها كانت إباحة معاوضيّة، وقد تقدَّم أن كلاًّ من العينين مضمون بما يقابله، فلو أراد الرجوع اعتبر بقاؤهما على ما هما عليه، والحال أنه ليس كذلك.
ولا مجال للتمسّك بقاعدة السّلطنة هنا، لِما تقدَّم من لزوم المعاطاة قبل الموت بالملكيّة آناًمّا.
فالحق: عدم جواز رجوع الوارث، على كلا القولين.

(1) رواه السيّد اليزدي عن النبي صلّى اللّه عليه وآله مرسلاً بلفظ «ما ترك الميّت من مال…» حاشية المكاسب 1 / 403.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *