في دعوى السّيرة على عدم اللزوم؟

في دعوى السّيرة على عدم اللزوم؟
قوله:
بل يمكن دعوى السّيرة على عدم الاكتفاء في البيوع الخطيرة التي… .
أقول:
الإنصاف عدم الفرق ـ في السيرة المتعارفة بين العقلاء ـ بين الامور الخطيرة والمحقّرة.
وقوله: نعم، ربما يكتفون بالمصافقة… .
فيه: إن لفظ بارك اللّه لك ونحوه، ليس إنشاءً للتمليك، فإذا كانوا يكتفون بذلك، فهم بالمعاطاة ينشأون التمليك، والمصافقة وقولهم ذلك يكون بعد الإنشاء.
وقوله: بل ينكرون على الممتنع عن الرجوع… .
فيه: إن الأمر ليس كذلك، بل يقال للراجع أنك قد بعت وقضي الأمر فلا ترجع، ولذا نرى أن الراجع يلتمس من الطرف الآخر الموافقة على الترادّ.
وتلخص: أنْ لا مشكلة من ناحية الإجماع والسيرة.
وأنّ الأدلة على لزوم المعاطاة محكّمة.
وقد ذهب شيخنا الميرزا إلى أنّ مقتضى القاعدة عدم لزوم المعاطاة، فقال بأنّ الجواز أو اللّزوم:
تارةً: حكم شرعي، فالشارع هو الحاكم بلزوم العقد أو جوازه بمقتضى الملاك، وفي مثله لا يعقل ارتفاع الحكم أو تحقّق ما يخالف الحكم الشرعي من المتعاقدين، ومن ذلك عقد النكاح وعقد الضمان وجميع موارد الإيقاعات إلا ما شذّ من الّلوازم، وكالهبة غير المعوّضة ولغير ذي رحم، ونحو الهبة من موارد العقود الجائزة بحكم الشرع.
واخرى: حقّي، بأنْ يكون له الحق في الرجوع أوْ لا يكون له ذلك، وهذا قد يكون بجعل من الشارع، وقد يكون بجعل من المتعاقدين.
والقاعدة الكلّية هي: أنه كلّما لا يقبل الإقالة، فلا يقبل الخيار وحقّ الرجوع، وكلّما يكون قابلاً لذلك بجعل من الشارع أو منها، فهو قابل للخيار والرجوع.
ثم قال:
إن المتعاملين لمّا يملّكان المال، فكلٌّ منهما يملّك الآخر التزامه بما أنشأه ويكون مسلّطاً عليه، إلاّ أنْ يرفع يده عن تسلّطه، وهذا هو الإقالة، ولو اشترط الخيار، فإنْ كان لكلٍّ منهما، فلا تمليك للالتزام، وإنْ كان لواحد، كان من له الخيار مالكاً لالتزام نفسه دون الآخر الذي لم يشترط له الخيار، فإنّ التزامه ملك للطرف.
وعليه، ففي مورد الالتزامات الحقّيّة، إذا لم يكن دليل على الّلزوم الحقّي من ناحية الشارع، فلابدّ من الدليل عليه من ناحية المتعاملين، فإنْ كان الإنشاء لفظيّاً، دلَّ بالالتزام على تسليطه الطرف الآخر على التزامه بالمنشَأ، وأما إنْ كان التمليك بالتعاطي، فلا توجد تلك الدلالة، وتبقى المعاملة قابلة للإقالة والتراد، ولا دليل على لزومها.
فمقتضى القاعدة: عدم لزوم المعاطاة.
أقول:
إنا لو سلّمنا جميع المقدّمات، فإن الدليل الشرعي قائم على لزوم المعاطاة إذا افترقا، وهو قوله عليه وآله الصّلاة والسّلام: البيّعان بالخيار ما لم يفترقا، فإذا افترقا وجب البيع.
وبعد التنزّل، فالإستصحاب.
فالمعاطاة ـ بما هي هي ـ على تقدير التسليم بالمقدّمات، وسنتكلّم عليها في الخيارات ـ غير مقتضية بنفسها اللّزوم الحقّي والحكمي، ولكنْ حيث لا دليل على جوازها، فإنّ مقتضى الأدلّة والإستصحاب أنها الملك اللاّزم، ويكون القول بالجواز محتاجاً إلى الدّليل. واللّه العالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *