النقض الأوّل

النقض الأوّل
قوله:
فإنهم أطبقوا على أنّ عقد المعاوضة إذا كان فاسداً يؤثّر في ضمان كلٍّ من العوضين القيمة، لإفادة العقد الفاسد الضمان عندهم كما يقتضيه صحيحه… وتوهّم: أنّ دليلهم على ذلك قاعدة اليد، مدفوع بأنه لم يذكر هذا الوجه إلاّ بعضهم… .
أقول:
لقد أجمعوا على الضمان بالقيمة في العقد الفاسد، مع أن مقصود المتبايعين هو الضمان بالمسمّى، ولا يتوهّم أنّ دليل الضمان قاعدة اليد، وبيان دفعه بحيث لا يتوجّه عليه الإشكال(1) هو: إن تلك القاعدة إنّما تجري حيث يتحقّق موضوعها وهو «ما أخذت» وهنا لا يوجد الأخذ وإنما الإقباض من البائع، فلا موضوع للقاعدة حتى تكون هي الموجبة للضمان.
إنه لم يكن التمليك من هذا بالمجّان بل كان على نحو تضمينه بالبدل، وكان التمليك من ذاك على أن أقدم على الأخذ بنحو ضمان البدل، ولمّا كان العقد باطلاً فخصوصيّة البدل المسمّى فاسدة عند الشارع، لكنّ انتفائها لا ينتج انتفاء سبب الضمان من أصله.
وبعبارة أخرى: إنّ الواقع إمّا هو التسبيب بالعقد على شيء، بمعنى أن الإنسان يتسبّب بالعقد للضمان بالقيمة، وهذا منتف هنا، لأن المقصود منهما لم يكن التضمين بالقيمة، وإمّا المسبب الذي قصداه وهو التضمين بالمسمّى، والمفروض إنه غير متحقّق، لفساد العقد. فيبقى الوجه الثالث وهو: سببيّة شيء لشيء، فالشارع يقول: المعاملة الفاسدة لها سببيّة وهي موضوع للضمان بالقيمة، وسرّ ذلك: عدم كون التمليك مجّاناً، بل كان بنحو التضمين، واُلغيت الخصوصيّة وبقي الأصل، وضمان كلّ شيء بمثله أو ببدله أو بقيمته.
فيكون هذا نظير مورد المعاملة بالمعاطاة، فكما أن العقد الفاسد موضوع للضمان بلحاظ عدم المجانيّة ـ لكن بالقيمة بعد إلغاء الشارع كونه بالمسمّى ـ كذلك المعاطاة موضوع للإباحة بعد إلغاء الشارع إفادتها للملكيّة.

(1) اُنظر: حاشية السيد اليزدي 1 / 349، حاشية المحقق الإصفهاني 1 / 116، المكاسب والبيع 1 / 144، مصباح الفقاهة 2 / 107.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *