رأي الشيخ الأنصاري

رأي الشيخ الأنصاري
قوله:
والإنصاف: إنّ ما ارتكبه المحقق الثاني في توجيه الإباحة بالملك المتزلزل، بعيد في الغاية عن مساق كلمات الأصحاب… إلاّ أن جعل محلّ النزاع ما إذا قصد الإباحة دون التمليك أبعد منه، بل لا يكاد يوجد في كلامهم أحد منهم ما يقبل الحمل على هذا المعنى… .
والذي يقوى في النفس: إبقاء ظواهر كلماتهم على حالها، وأنهم يحكمون بالإباحة المجرّدة عن الملك في المعاطاة مع فرض قصد المتعاطيين التمليك، وأنّ الإباحة لم تحصل بإنشائها ابتداءً، بل إنما حصلت ـ كما اعترف به في المسالك ـ من استلزام إعطاء كلٍّ منهما سلعته مسلّطاً عليها الإذن في التصرف فيه بوجوه التصرّفات.
فلا يرد عليهم عدا ما ذكره المحقق المتقدّم في عبارته المتقدّمة، وحاصله: إن المقصود هو الملك، فإذا لم يحصل فلا منشأ لإباحة التصرّف… .
أقول:
منشأ هذا الإشكال ـ بعد أنْ كان محلّ النزاع هو المعاطاة المقصود بها التمليك ـ هو منافاة قول المشهور بالإباحة لقاعدتي: «العقود تابعة للقصود» و«عدم جواز وقوع ما لم يقصد وقصد ما لم يقع»، لأنّ العقد معاهدة وتقرير أمر بين الطّرفين، فإذا لم يتبع العقد القصد لزم الخلف، فقاعدة تبعيّة العقود للقصود أمر بيّن، لأنّ الإنسان إنّما يعاهد على ما هو المقصود له، وكذا المعنى في القاعدة الأخرى، إذ ليس المراد من «وقع» هو الأمر الواقع منسوباً إلى المتعامل، بل المراد أن يقع منه ما يقصده، والإنسان لا يقع منه ما لم يقصده، لكون الإيقاع تابعاً للقصد، فيمتنع أنْ يقع منه أمر غير مقصود له، فإذا كان غير مقصود فهو غير واقع منه.
هذا هو منشأ الإشكال، وهو لا يرتفع لا بما ذكره المحقق الكركي، لأنّه بعيد عن ظواهر كلماتهم، ولا بما ينسب إلى صاحب الجواهر، ولا بما ذهب إليه المحقق الخراساني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *