الملك

الملك
قوله:
بخلاف الملك، فإنها نسبة بين المالك والمملوك.
أقول:
والظاهر أن حقيقة الملكيّة عبارة عن «الواجديّة» في عالم الإعتبار، والسّلطنة ملازمة لها، ولا يشترط أن تكون السّلطنة بالمباشرة، فالصغير يملك لكنّ سلطنته على المملوك تتحقّق بواسطة وليّه المتصرّف فيه، وفي قبالها: الملكيّة الحقّة الحقيقيّة، وهي للّه الذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم، ولأوليائه الذين بهم الوجود، ولذا ورد عنهم عليهم السّلام «إنّ الأرض وما فيها كلّها لنا»(1) ونحوه غيره، وقد قام عليه البرهان أيضاً.
والدليل على أنّ حقيقة الملكيّة هي «الواجديّة»، هو الاستعمالات الكثيرة المتبادر منها ذلك.
وذهب شيخنا الأستاذ قدّس سرّه إلى أنّها «الحواية»(2).
وهذا قريبٌ ممّا ذكرناه.
ولا ريب أنه يقصد منها ما كان بنحو القيوميّة للمحويّ وكون زمامه بيده، وإنْ لم تكن الحواية هي المعنى المتبادر من لفظ الملك، قال في المصباح: «حويت الشيء، إذا ضممته واستوليت عليه، فهو محوي»(3). والظاهر أن الاستيلاء من لوازم الحواية وليست مرادفةً لها، لكون تعديتها بـ«على» كما في عبارته.
وقيل: الملكيّة هي السّلطنة(4).
وفيه: ما ذكره شيخنا من أن السّلطنة تتعدّى بـ«على» والملكيّة متعدّية، فكيف يكون الترادف؟
وقيل: هي الجدة(5).
وفيه: إنّ مقولة الجدة هي الهيئة الحاصلة للشيء بسبب إحاطة شيء به، كالتقمّص والتعمّم والتّختّم ونحو ذلك، ولا معنى لاعتبارها للمالك وهو من قام به المبدء، لأنّه المحيط بالمملوك لا بالعكس. كما لا مجال لأنْ يقال: بأنّ الملكيّة هي الإحاطة الإعتباريّة الموجبة لهيئة الجدة، لأن الإحاطة تتعدّى بـ«الباء» وتعدية الملكيّة بنفسها.
وقيل: الملكيّة اعتبار من مقولة الإضافة، أي: إنّ الملكيّة لمّا لم تكن من قبيل الإضافة المقوليّة، لأنّ المقولة ما يقال على شيء موجود في الخارج، والإضافة تكون بين الأمرين المتضايفين اللذين لا ينفكُّ تعقّل أحدهما عن الآخر، كالفوقيّة والتّحتية، فلذا عبّر بأن الملكيّة اعتبار من مقولة الإضافة.
وفيه: إنّ هذه المقولة هي النسبة المتكرّرة التي توجب انتزاع عنوانين متضائفين متكافئين في القوّة والفعل، ولابدّ لهذا الانتزاع من المنشأ، فإنْ كان هو السّلطنة أو الجدة، فقد عرفت ما فيهما من الإشكال[1].

(1) وسائل الشيعة 25 / 415، الباب 3 من أبواب إحياء الموات، الرقم: 2.
(2) حاشية المكاسب 1 / 31.
(3) المصباح المنير: 158.
(4) حاشية المكاسب للسيد اليزدي 1 / 289.
(5) منية الطالب 1 / 3.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *