في حديث: لو كنت متّخذاً خليلاً

ومنها: وقوله: «لو كنت متّخذاً خليلاً…».
أقول:
قد أجاب أصحابنا عن هذا الحديث سنداً ودلالة(1). وهو في رواية البخاري قطعة من حديث يشتمل على جمل عديدة، تعدّ كلّ واحدة منها فضيلة مستقلّة من فضائل أبي بكر… فهو أقواها سنداً وأدلّها دلالة، لكنّ راويه هو: «إسماعيل بن عبداللّه بن أبي أويس» ابن أخت مالك بن أنس ونسيبه وراويته، وهذه طائفة من الكلمات فيه:
قال ابن معين: هو وأبوه يسرقان الحديث. وقال: مخلّط، يكذب، ليس بشيء.
وقال النسائي: ضعيف. وقال مرة أخرى: غير ثقة.
وقال ابن عدي: يروي عن خاله أحاديث غرائب لا يتابعه عليها أحد.
وذكره الدّولابي في الضعفاء وقال: سمعت النصر بن سلمة المروزي يقول: ابن أبي أويس كذّاب… .
وقال الدارقطني: لا أختاره في الصحيح.
وذكره الإسماعيلي في المدخل فقال: كان ينسب في الخفة والطيش إلى ما أكره ذكره.
وقال بعضهم. جانبناه السنّة.
وقال ابن حزم في المحلّى: قال أبو الفتح الأزدي: حدّثني سيف بن محمّد: أن ابن أبي أويس كان يضع الحديث.
وأخرج النسائي من طريق سلمة بن شبيب أنّه قال: سمعت إسماعيل بن أبي أويس يقول: ربما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم(2).
ثم إنه معارض بأحاديث موضوعة تنصّ على أنّه قد اتّخذه خليلاً مثل: «لكلّ نبي خليل في أمته وإنّ خليلي أبو بكر»(3) وبآخر ينصّ على أنّه اتّخذ عثمان خليلاً، وهذا لفظه: «إنّ لكلّ نبي خليلاً من أمته وإنّ خليلي عثمان بن عفان».
لكنها كلّها موضوعات، وقد نصّ على وضع الأخير منها غير واحد(4).

(1) تلخيص الشافي 3 / 217.
(2) لاحظ الكلمات بترجمته من تهذيب التهذيب 1 / 312.
(3) كنز العمال 6 / 140.
(4) تنزيه الشريعة 1 / 392.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *