جواب ابن تيمية و الرد عليه

أمّا ابن تيمية، فقد طالب بالنقل الثابت للعطايا، فقال:
فالجواب أن يقال: أين النقل الثابت بهذا؟ نعم، كان يعطي أقاربه عطاءً كثيراً، ويعطي غير أقاربه أيضاً، وكان محسناً إلى جميع المسلمين، وأما هذا القدر الكثير، فيحتاج إلى نقل ثابت(1).
قلت:
لا يخفى ما اشتمل عليه كلامه:
أوّلاً: «كان يعطي أقاربه عطاءً كثيراً»، فهو يعترف بكثرة العطاء لهم، لكن لا يدّعي أنه كان يعطيهم من ماله ولا يصرّح بكونه من بيت المال!
وثانياً: «يعطي غير أقاربه أيضاً»، فلا يدّعي العطاء الكثير لغير أقاربه، لعدم وجود ذلك أصلاً.
ثم إنه يطالب بالنقل الثابت بهذا القدر الكثير، فنقول:
فأيّ مقدار هو الذي اعترفت به بقولك «عطاءً كثيراً»؟
وأيّ نقل هو النقل الثابت برأيك؟ ولو كان مجالٌ للتشكيك في ثبوت النقل بذلك لشكّك غيرك من قبلك!
ثم اضطرّ لأن يكذّب جميع القائلين بذلك والرواة له من أبناء مذهبه فقال:
ثم يقال ثانياً: هذا من الكذب البيّن، فإنه لا عثمان ولا غيره من الخلفاء الراشدين أعطوا أحداً ما يقارب هذا المبلغ… .
لكن رمي جميع المؤرّخين والمؤلّفين من أهل السنّة بالوضع على عثمان بما يوجب الطعن في عدالته وخلافته… لا يصدر إلاّ من مثل ابن تيمية من أهل التهوّر والمجازفة والجرأة… .
وعلى الجملة، فإن عمدة الكلام هو تصرّفه في بيت المال وإيثاره لأهله وأقاربه دون سائر المسلمين، الأمر الذي نقم عليه به المسلمون وقاموا يطالبون بخلعه، وانتهى الأمر إلى قتله… فما ذكروه في الدفاع عنه وتخطئة المسلمين ـ لا سيّما الذين ولّوه من أهل الحلّ والعقد كما يدّعون ـ لا ينفعه بحال من الأحوال.

(1) منهاج السنة 6 / 249.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *